التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ضريبة العبد وتعاهد ضرائب الإماء

          ░17▒ (بَابُ: ضَرِيبَةِ العَبْدِ، وَتَعَهُّدِ ضَرَائِبِ الإِمَاءِ)
          2277- ذكر فيه حديث سُفْيَانَ وهو الثَّوْرِيُّ: (عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللهِ _صلعم_ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَو صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَو ضَرِيبَتِهِ).
          ثُمَّ ترجمَ:
          ░18▒ (بَابُ: خَرَاجِ الحَجَّامِ)
          2278- وساق فيه حديثَ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ، قَالَ: (احْتَجَمَ رَسُولُ اللهِ _صلعم_ وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ).
          2279- وفي روايةٍ مِنْ طريق عِكرمة عنه مثله وزاد: (وَلَو عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ).
          2280- ثُمَّ ذكر حديثَ أنسٍ السَّالف: (كَانَ يَحْتَجِمُ وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ).
          ثُمَّ ترجم:
          ░19▒ (بَابُ: مَنْ كَلَّمَ مَوَالِيَ العَبْدِ: أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ)
          2281- ثُمَّ ذكر حديثَ أنسٍ السَّالف: (دَعَا رَسُولُ اللهِ _صلعم_ غُلاَمًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَو صَاعَيْنِ، أَو مُدٍّ أَو مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ).
          وقد / أسلفنا ذلك في باب ذكر الحجَّام [خ¦2102]، وباب موكل الرِّبا، فراجعه.
          وفيه أنَّه لا بأس أن يضرب الإنسانُ على عبده خراجًا معلومًا في الشَّهر، وأن يبلُغ في ذلك وُسعَ العبيد وطاقتهم، ولا يثقل عليهم؛ لأنَّ التَّخفيف لا يكون إلَّا عن ثقلٍ، وفيه الشَّفاعة للمِدْيان في الوضيعة، وللعبد في الضَّريبة وإن كان ليس بالدَّين الثَّابت إليه مطالب به مستعملٌ فيه، وفيه استعمالُ العبد بغير إذن سيِّده إذا كان مُعَرَّضًا لذلك ومعروفًا به، وفيه الحكم بالدَّليل؛ لأنَّه استدلَّ على أنَّه مأذونٌ له في العمل لانتصابه له وعَرْضِ نفسه عليه.
          ويجوز للحجَّام أن يأكل مِنْ كسبه، وكذا سيِّدُه، وقد سلفت مذاهبُ العلماء فيه، وإن كنَّا لا نُحبُّه لأنَّها صنعةٌ رذيلةٌ، قال الطَّحاويُّ: وفي إباحة الشَّارع أن يطعمَه رقيقَه وناضحَه دليلٌ أنَّه ليس بحرامٍ، ألا ترى أنَّ المال الحرام الَّذي لا يحلُّ للرَّجل أكلُه لا يحلُّ له أن يطعمَه رقيقَه ولا ناضحَه، فثبت بذلك نسخُ ما تقدم مِنْ نهيِه، وهو النَّظر عندنا؛ لِأنَّا رأينا الرَّجلَ يستأجرُ الرَّجلَ يفصُد له عِرْقًا أو يَنْزِعُ له ضرسًا، فيجوز ذلك، فكذلك تجوز الحِجامة.
          وقال غيره: والدَّليل عليه قوله _تعالى_: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6] أي جنِّبوهم ما يقود إليها ممَّا يؤدي إلى سَخَطه، وذَلِكَ فَرضٌ على المخاطَبين بهذِه الآية، وقولهم: إنَّها صنعةٌ رذيلةٌ، فليست بأدنى مِنْ صنعة الكنَّاسِ الَّذي ينقل الحُشَّ، وليست بحرامٍ فكذا هو، ولا نُسَلِّمُ أنَّ الخبيث هو الحرام، بل قد يقع على الحلال قال _تعالى_: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة:267] وكانوا يتصدَّقون بالحَشَف ورديء التَّمرِ فنزلت الآية.