التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إذا استأجر أجيرًا على أن يقيم حائطًا يريد أن ينقض جاز

          ░7▒ (بَابُ: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا، عَلَى أَنْ يُقِيمَ حَائِطًا، يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ جَازَ)
          2267- ذكر حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ في قوله _تعالى_ {فَوَجَدَا فِيْهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}: (قَالَ سَعِيدٌ: بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَاسْتَقَامَ، قَالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، فَاسْتَقَامَ {لَو شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف:77] قَالَ سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكُلُهُ).
          معنى (يَنْقَضَّ): يسقط وينهدم، وقرئ: {يَنْقَاضَّ} أي ينقطع مِنْ أصله، ويقال للبئر إذا انهارت: انقاضَّت بالضَّاد المعجمة، وقُرئ بالمهملة مع الألف، أي ينشقُّ طولًا. وإرادتُه ميلُه، وهو مِنْ فصيح كلامهم، ومنه الحديث: ((لا تَتَراءَى ناراهما)) أي لا يكون بموضعٍ لو وقف فيه إنسانٌ لرأى النَّار الأخرى، ومنه: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف:198]، وفي قوله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف:77] حُجَّةٌ على مَنْ أنكر المجاز.
          وتبويبُ البخاريِّ دَالٌّ أنَّ هذا جائزٌ لجميع النَّاس، قال ابنُ التِّيْنِ: إنَّما كان ذلك للخَضِر، ولعلَّ البخاريَّ أراد أنَّه يبني له حائطًا مِنَ الأصل، أو يصلحُ له حائطًا. وقال المهلَّب: إنَّما جاز الاستئجار عليه لقول موسى _◙_: {لَو شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف:77] والأجرُ لا يُتَّخَذُ إلَّا على عملٍ معلومٍ، وإنَّما يكون له الأجر لو عامَله عليه قبل عملٍ عَمِلَه، وأمَّا بعد أنْ أقامه مِنْ غير إذنِ صاحبه فلا يُجبر صاحبه على غُرم شيءٍ. قال ابن المُنْذِر: وفيه جواز الإجارة على البِناء، وفي قوله: ((حَمَلُونا بغيرِ نَولٍ)) جوازُ أخذ الأجرة مِنَ الرُّكبان في البحر.