شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يقال للمريض وما يجيب

          ░14▒ بابُ مَا يُقَالُ لِلمَرِيضِ وَمَا يُجِيْبُ.
          فيه: عَبْدُ اللهِ: (أَتَيتُ النَّبيَّ صلعم فِي مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: أَجَلْ، وَمَا(1) مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلا حَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ). [خ¦5661]
          وفيه: ابْن عبَّاس: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ قَالَ(2): لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقَالَ(3): كَلا بَلْ هِي حُمَّى تَفُورُ على شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: فَنَعَمْ إِذًا). [خ¦5662]
          قال المهلَّب: فيه أنَّ السنة أن يُخاطَب العليل بما يسلِّيه مِن ألمِه ويغبِّطَه بأسقامِه بتذكيرِه بالكفارة لذنوبِه وتطهيرِه مِن آثامِه(4) ويطمِّعَه بالإقالة؛ لقولِه صلعم: (لَا بَأْسَ عَلَيْكَ) ممَّا تجدُه بل يكفِّر الله به ذنوبك ثم يفرِّج عنك فيجمع لك الأجر والعافية؛ لئلا يسخط أقدارَ الله واختيارَه له وتفقُّدَه إيَّاه بأسباب الرَّحمة ولا يتركَه إلى نزغات الشَّيطان والتَّسَخُّط، فربَّما جازاه الله تعالى بالسخط(5) سخطًا وبسوء الظنِّ عقابًا فيوافق قدرًا يكون سببًا إلى أن يحلَّ به ما لفظ به مِن الموت الَّذي حكم به على نفسه.
          وقولُه صلعم لابن مسعود: (أَجَلْ) أنَّه ينبغي للمريض أن يحسن جواب زائرِه ويتقبَّل ما يعدُه مِن ثواب مرضِه ومِن إقالتِه، ولا يردَّ عليه بمثل ما ردَّ الأعرابي على النَّبيِّ صلعم، وسيأتي شيء مِن الكلام في هذا الحديث(6) في باب يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر(7) في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى.


[1] في (ص): ((ما)).
[2] في (ص): ((فقال)).
[3] في (ص): ((قال)).
[4] قوله: ((بتذكيره بالكفارة لذنوبه وتطهيره من آثامه)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((بالتسخط)).
[6] قوله: ((شيء من الكلام في هذا الحديث)) ليس في المطبوع.
[7] قوله: ((شيء من الكلام في... ولا يريد بكم العسر)) ليس في (ص).