شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب شدة المرض

          ░2▒ بابُ شِدَّةِ المَرَضِ.
          فيه: عَائِشَةُ قَالَتْ: (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الْوَجَعُ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم). [خ¦5646]
          وفيه: عَبْدُ اللهِ: (رأَيْتُ النَّبيَّ صلعم فِي مَرَضِهِ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قُلْتُ: إِنَّ ذَاكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ(1)؟ قَالَ: أَجَلْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ). [خ¦5647]
          وترجم لحديث عبد الله باب أشدُّ النَّاس بلاء / الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وقال فيه بعد قولِه: (إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: أَجَلْ إِنِّيْ أُوْعَكُ كَمَا يُوْعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ، قُلْتُ: ذَاكَ أَنَّ لَكَ لَأَجْرَيْنِ، قَالَ: أَجَلْ(2) ذَلِكَ كَذَلِكَ...) الحديث.
          قال المؤلِّف: خصَّ الله تعالى أنبياءَه بشدَّة الأوجاع والأوصاب لما خصَّهم به مِن قوَّة اليقين وشدَّة الصَّبر والاحتساب ليكمل لهم الثَّواب ويتمَّ لهم الخير(3)، وذكر عبد الرزَّاق مِن حديث أبي سعيد الخدري: أنَّ رجلًا وضع يدَه على النَّبيِّ صلعم فقال: والله ما أطيق أن أضع يدي عليك مِن شدَّة حمَّاك، فقال النَّبيُّ صلعم: ((إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ يُضَاعَفُ لَنَا البَلَاءُ كَمَا يُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ، إِنْ كَانَ النَّبيُّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ لَيُبْتَلَى بِالقَمْلِ حتَّى يَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّبيُّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ لَيُبْتَلَى بِالفَقْرِ حتَّى يَأْخُذَ العَبَاءَةَ فَيجوبها(4)، وَإِنْ كَانُوا لَيَفْرَحُونَ بِالبَلَاءِ كَمَا تَفْرَحُونَ بِالرَّخَاءِ)).
          وقولُه: (بابُ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً(5) الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ) فقد رُوي هذا اللفظ عن النَّبيِّ صلعم، رواه التِّرمذي قال: حدَّثنا قتيبة حدَّثنا حمَّاد بن زيد عن عاصم بن بَهْدَلة عن مصعب ابن سعد عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ النَّاس أشدُّ بلاء، قال: ((الأَنْبِيَاءُ ثُمَ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإنْ كَانَ دِينُه صُلبًا اِشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ(6) فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيه خَطِيْئَةٌ)) قال التِّرمذي: هذا الحديث حسن صحيح، وفي الباب عن أبي هريرة وأخت حذيفة بن اليمان.


[1] في (ص): ((الأجر مرتين)).
[2] قوله: ((ذاك أن لك لأجرين، قال أجل)) ليس في (ز).
[3] في (ص): ((الأجر)).
[4] بإهمال الحروف في (ز) والمثبت من (ص).
[5] في (ص): ((عذاباً)) وأثبت فوقها كملة غير واضحة.
[6] في (ص): ((على حسبه)).