شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب بيع الولاء وهبته

          ░10▒ بَابُ بَيْعِ الوَلاَءِ وَهِبَتِهِ
          فيهِ ابنُ عُمَرَ: (نَهَى النَّبِيُّ صلعم عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ، وَهِبَتِهِ(1)). [خ¦2535]
          وفيهِ عَائِشَةُ: (اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الوَلاَءَ لِمَنْ أَعْطَى الوَرِقَ، فَأَعْتَقْتُهَا فَدَعَاهَا(2) النَّبِيُّ صلعم فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا) الحديثَ(3). [خ¦2536]
          الفقهاء بالعراق والحجاز مجمعون على أنَّه(4) لا يجوز بيع الولاء ولا هبته، قال ابنُ المُنْذِرِ: وفيه قولٌ ثانٍ(5): رُوِيَ أنَّ ميمونةَ بنتَ الحارثِ وهبت ولاء مواليها بني العَبَّاسِ، وولاؤهم اليوم لهم، وأنَّ عُرْوَةَ ابتاع ولاء طهمانَ لورثةِ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ، وذكرَ عبدُ الرَّزَّاقِ عن عَطَاءٍ أنَّه يجوز للسَّيِّد أنْ يأذن لعبده أنْ يوالي مَنْ شاء، وهذا هو هبة الولاء، وسأذكرُ هذه المسألةَ في بابِ: إثمُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ مَوَالِيْهِ فِي كِتَابِ الفَرَائِضَ / [إنْ شاء الله [خ¦6756]، وقد روى إِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ عن نافعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبيِّ صلعم أَنَّهُ قَالَ: ((الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَالنَّسَبِ))، وأجمع(6) العلماء أنَّه لا يجوزُ تحويل النَّسب، وقد نسخ اللهُ تعالى المواريث بالتَّبنِّي بقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}[الأحزاب:5]، وقد لَعَنَ النَّبيُّ صلعم مَنِ انتسب إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه، فكان حكم الولاء كحكم النَّسب في ذلك، كما(7) لا يجوز بيع النَّسب ولا هبته، فكذلك لا يجوز بيع الولاء ولا هبته، ولا نقله وتحويله، وإنَّه](8) للمعتق كما قال ◙، وهذا ينفي أنْ يكونَ الولاء للَّذي يسلم على يديه وللملتقط، وسيأتي اختلاف العلماء في ذلك في كتاب الفرائض إن شاء الله [خ¦6756].


[1] في (ز): ((وعن هبته)).
[2] في (ز): ((الورق ودعا)).
[3] في (ز): ((من زوجها فاختارت نفسها)).
[4] في (ز): ((بالحجاز والعراق مجمعون أنَّه)).
[5] في (ص): ((ثاني)).
[6] في المطبوع: ((وقد أجمع)).
[7] في المطبوع: ((فكما)).
[8] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).