شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا أصاب قوم غنيمةً فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر

          ░36▒ باب: إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً، فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ إِبِلًا أَوْ غَنَمًا، بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ، لَمْ تُؤْكَلْ لحَدِيثِ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم وَقَالَ طَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ: فِي ذَبِيحَةِ السَّارِقِ: اطْرَحُوهُ.
          فيه: رَافِعٌ: (إِنَّا لاقُوا الْعَدُوَّ غَدًا _الحديث_ وَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ، فَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ والنَّبيُّ صلعم في آخِرِ النَّاسِ، فَنَصَبُوا قُدُورًا، فَأَمَرَ بِهَا، فَأُكْفِئَتْ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ، وَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ) الحديث. [خ¦5543]
          قال المؤلِّف: قوله في التَّرجمة: (فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ إِبِلًا أَوْ غَنَمًا، بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ) هم سرعان النَّاس الذين فعلوه دون اتِّفاقٍ من أصحابهم، وقد تقدَّم القول في ذلك في كتاب(1) الجهاد، في باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم. [خ¦3075] / ومعنى أمره صلعم بإكفاء القدور هو في أوَّل كتاب الذَّبائح فلا وجه لإعادته، [خ¦5498] وأمَّا ذبيحة السَّارق فلا أعلم من تابع طاوسًا وعكرمة على كراهية أكلها غير إسحاق بن راهويه، وجماعة الفقهاء على إجازتها، وأظنُّ البخاريَّ أراد نصر قول طاوسٍ وعكرمة، وجعل أمر النَّبيِّ صلعم بإكفاء القدور حجَّةً لمن كره ذبيحة السَّارق، ورأى الذين ذبحوا الغنائم بغير أمر أصحابهم في معنى ذبيحة السَّارق حين ذبحوا ما ليس لهم؛ لأنَّهم إنَّما ذبحوا في بلاد الإسلام بذي الحليفة قرب المدينة، وقد خرجوا من أرض العدوِّ، فلم يكن لبعضهم أن يستأثر بشيءٍ منها دون أصحابه، وليس في ذلك حجَّةٌ قاطعةٌ؛ لأنَّه قد اختلف في معنى أمره صلعم بإكفاء القدور، وقيل(2): إنَّها كانت نهبةً، ولا يقطع على وجهٍ من ذلك، واختلف أيضًا في قطع من سرق من المغنم.


[1] في (ص): ((باب)) والمثبت من المطبوع.
[2] في (ص): ((وقال)) والمثبت من المطبوع.