شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب لحوم الخيل

          ░27▒ باب: لُحُومِ الخَيْلِ
          فيه: أَسْمَاءُ، قَالَتْ: (نَحَرْنَا فَرَسًا على عَهْدِ النَّبيِّ صلعم فَأَكَلْنَاهُ). [خ¦5519]
          وفيه: جَابِرٌ: (نَهَى النَّبيُّ صلعم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ في لُحُومِ الْخَيْلِ). [خ¦5520]
          اختلف العلماء في أكل لحوم الخيل، فكرهه مالكٌ وأبو حنيفة والأوزاعيُّ. وقال أبو يوسف ومحمَّد والشَّافعيُّ: حلالٌ أكلها.
          واحتجَّ من كره أكلها بما رواه ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جدِّه، عن خالد بن الوليد ((أنَّ رسول الله صلعم نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير)).
          قالوا: ومن وجه النَّظر أنَّه لو كانت الخيل تؤكل لوجب أن يؤكل أولادها، فلمَّا اتَّفقنا على أنَّ الأمَّ إذا كانت من الخيل والأب حمارٌ لم يؤكل ما تولَّد منهما، علمنا أنَّ الخيل لا تؤكل؛ ألا ترى أنَّ ولد البقرة يتبع أمَّه في جواز الأضحية به، وإن كان أبوه وحشيًّا فلو كانت الخيل تؤكل تبع الولد أمَّه في ذلك.
          واحتجَّ الذين أجازوا أكلها بتواتر الأخبار في ذلك، وأنَّ أحاديث الإباحة أصحُّ من أحاديث النَّهي. قالوا: ولو كان ذلك مأخوذًا من طريق النَّظر لما كان بين الخيل الأهليَّة والحمر الأهليَّة فرقٌ، ولكن الآثار عن النَّبيِّ صلعم إذا صحَّت أولى أن يقال بها من النَّظر، لا سيَّما وقد أخبر جابر في حديثه أنَّ النَّبي صلعم أباح لهم لحوم الخيل في وقت منعه إيَّاهم لحوم الحمر، فدلَّ ذلك على اختلاف حكم لحومها، قاله الطَّحاويُّ. /