عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: إلى أين يرفع يديه؟
  
              

          ░85▒ (ص) بابٌ: إلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟
          (ش) أي: هذا بابٌ ترجمته: إلى أين يرفع المصلِّي يديه عند افتتاح الصلاة وغيره؟ إِنَّما لم يصرِّح بحدِّه؛ لكون الخلاف فيه، لكنَّ الظاهر الذي يُذهَب إليه ما هو مُصرَّح في حديث الباب، كما هو مذهب الشَّافِعِيَّة، وأَمَّا الحَنَفيَّة؛ فَإِنَّهُم أخذوا بحديث مالك بن الحويرِث الذي رواه مسلمٌ، ولفظه: «كان النَّبِيُّ صلعم إذا كبَّر؛ رفع يديه حَتَّى يحاذيَ بهما أذنَيه»، وعن أنسٍ مثلَه بسندٍ صحيحٍ من عند الدَّارَقُطْنيِّ، وعن البراء مِن عند الطَّحاويِّ: «يرفع يديه حَتَّى يكون إبهاماه قريبًا مِن شحمتَي أذنَيه»، وعن وائل بن حُجْرٍ: «حَتَّى حاذتا أذنَيه» عند أبي داود، وقال بعضهم: ورُجِّح الأَوَّل _يعني: ما ذهب إليه الشافعيُّ_؛ لكون إسناده أصحَّ.
          قُلْت: هذا تحكُّمٌ؛ لكون الإسنادين في الأصحيَّة سواءً، فمِن أين الترجيح؟!
          (ص) وَقالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحابِهِ: رَفَعَ النَّبِيُّ صلعم حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ.
          (ش) (أَبُو حُمَيْدٍ) بِضَمِّ الحاء، واسمه عبدُ الرَّحْمَن بن سعدٍ، الساعديُّ الأنصاريُّ، مرَّ في (باب فضل استقبال القبلة).
          قلتُ: هذا التَّعليق طرفٌ مِن حديثه الذي أخرجه في (باب سنَّة الجلوس في التشهُّد).
          قوله: (فِي أَصْحابِهِ) جملةٌ وقعت حالًا، وكلمة (في) بمعنى: (بين) ؛ أي: حال كونه بين أصحابه مِن الصحابة.
          قال الكَرْمانِيُّ: يحتمل أن يراد به أنَّهُ قال: في حضور أصحابه، أو أنَّهُ قال: في جملة مَن قال مِن أصحابه.
          قُلْت: المعنى بحسب الظاهر على الوجه الأَوَّل.