عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: قدم على النبي نفر من عكل فاجتووا المدينة
  
              

          6802- (ص) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الَاوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيُّ عَنْ أَنَسٍ ☺ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا أَبْوَالَهَا وَأَلْبَانَهَا، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا، فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا وَاسْتَاقُوهَا، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ وَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا.
          (ش) قال ابن بَطَّالٍ: ذهب البُخَاريُّ إلى أنَّ آية المحاربة نزلت في أهل الكفر والردَّة، وساق حديث العرنيِّين، وليس فيه تصريحٌ بذلك، ولكن روى عبد الرَّزَّاق عن معمرٍ عن قتادة حديث العرنيِّين وفي آخره قال: فبلغنا أنَّ هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} الآية, ووقع مثله في حديث أبي هُرَيْرَة ☺ .
          وشيخ البُخَاريِّ (عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المعروف بابن المدينيِّ, و(الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) الأمويُّ, و(الَاوْزَاعِيُّ) عبد الرَّحْمَن بن عَمْرٍو , و(أَبُو قِلَابَة) بكسر القاف عبد الله بن زيدٍ (الجَرْمِيُّ) بفتح الجيم وسكون الراء، أُرِيدَ على القضاء بالبصرة فهَرَب إلى الشام، فمات بها سنة أربعٍ أو خمسٍ ومئةٍ في ولاية يزيد بن عبد الملك.
          والحديث مضى في (كتاب الوضوء) في (باب أبوال الإبل والدوابِّ والغنم) عن سليمان بن حَرْبٍ، وفي (الجهاد) عن معلَّى بن أسدٍ، وفي (التفسير) عن عليِّ بن عبد الله، وفي (الديات) عن قُتَيبة.
          قوله: (نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ) (النفر) رهط الإنسان وعشيرته، وهو اسم جمعٍ يقع على جماعةٍ مَنَ الرجال خاصَّةً ما بين الثلاثة إلى العشرة، ولا واحدَ له مِن لفظه، و(عُكْلٌ) بِضَمِّ العين المُهْمَلة وسكون الكاف، قبيلةٌ.
          قوله: (فَاجْتَوْوا) مِنَ الاجتواء؛ بالجيم؛ أي: كرهوا الإقامة بالمدينة لسقمٍ أصابهم.
          قوله: (وَسَمَلَ أعْيُنَهُمْ) أي: فقأها وأذهب ما فيها.
          قوله: (وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ) يقال: حسم العرق: كواه بالنار؛ لينقطع دمه، وقد مرَّ الكلام فيه مستوفًى.