عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب رمي المحصنات
  
              

          ░44▒ (ص) بَابُ رَمْيِ الْمُحْصَنَاتِ.
          (ش) أي: هذا باب في بيان حكم قذف المحصنات؛ أي: العفيفات، ولا يختصُّ بالمتزوِّجات.
          (ص) {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور:3-4] {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:23].
          (ش) ذكر هاتين الآيتين لأنَّ الأولى تدلُّ على بيان حكم حدِّ القذف، والثانية تدلُّ على أنَّهُ مِنَ الكبائر.
          قوله: ({وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}) أي: العفائف الحرائر المسلمات، وناب فيها ذكر رمي النساء عن ذكر رمي الرجال؛ لأن حكم المحصَنِ في القذف كحكم المحصَنَات قياسًا واستدلالًا، وأنَّ مَن قذف حرًّا عفيفًا مؤمنًا عليه الحدُّ ثمانون؛ كمن قذف حرَّةً مؤمنةً، واختُلف في حكم قذف الأرقَّاء على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
          واعلم أنَّ الآية الأولى ساقها أبو ذرٍّ والنَّسفيُّ كذا: <{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية> وساقها غيرُهما إلى قوله: <{غَفُورٌ رَحِيمٌ}> وساق الآية الثانية أبو ذرٍّ كذا: <{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا} الآية>، وساق غيره إلى: <{عَذَابٌ عَظِيمٌ}>.