مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة

          ░8▒ باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة والمرغوبة
          ثم ساق عن عائشة في: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى} [النساء:3]. وسلف.
          وفيه: أنه لا يجوز للولي أن يتزوج يتيمة بأقل من صداقها، ولا أن يعطيها من العروض في صداقها ما لا يفي بقيمة صداق مثلها، وقال ابن عباس: قصر الرجل على أربع من النساء من أجل اليتامى.
          ومعناه: أن سبب نزول القرآن بإباحة أربع كان من أجل سؤالهم عن اليتامى، وكانوا يستفتونه لما كانوا يخافونه من الحيف عليهن، فقيل له: إن خفتم الحيف عليهن فاتركوهن فقد أحللت لكم أن تنكحوا أربعاً.
          فإن قال قائل ممن لا فهم له بكتاب الله من أهل البدع: كيف يخافون أن لا يقسطوا في اليتامى ويؤمرون بنكاح أربع، وهم عن القسط بينهن أعجز؟
          قال أبو بكر بن الطيب: ومعنى الآية: إن خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى الأطفال اللاتي لا أولياء لهن يطالبونكم بحقوق الزوجية، وتخافوا من أكل أموالهن بالباطل؛ لعجز الأطفال عن منعكم فيها فانكحوا سواهن أربعاً من النساء البزل القادرات على تدبير أموالهن ذوات الأولياء الذين يمنعونكم من تحيف أموالهن، ويأخذونكم بالعدل بينهن، فإنهم عند ذلك أبعد من أكل أموالهن بالباطل والاعتداء عليهن. قال النحاس: وأهل النظر على قول عائشة قال المبرد: التقدير: فإن خفتم ألا تقسطوا في نكاح اليتامى.
          ثم حذف هذا، ودل عليه {فَانكِحُواْ}.
          وقال بقول ابن عباس جماعة من أهل اللغة منهم: الفراء وابن قتيبة، وقول عائشة أعلا إسناداً وأجود عند أهل النظر.
          قال والدي ⌂:
          (كتاب الحيل).
          قوله: (علقمة) بفتح المهملة والقاف وإسكان اللام ابن وقاص بفتح القاف المشددة وبالمهملة الليثي المدني.
          فإن قلت: الأعمال جمع قلة لكن المراد منها جميع الأفعال الإسلامية؟ قلت: الفرق بالقلة والكثرة في النكرات وأما المعرف فلا فرق بينهما.
          قوله: (فهجرته) فإن قلت: الشرط والجزاء سبب ومسبب فكيف يتحدان؟ قلت: المراد من الجزاء لازمه وهو العظمة؛ أي: فهجرته هجرة عظيمة النفع كثيرة الثواب ومباحثه تقدمت في أول الجامع، قال صاحب شرح التراجم: وجه مطابقة الحديث لترك الحيل أن مهاجر أم قيس جعل الهجرة حيلة في تزويج أم قيس.
          قوله: (إسحاق بن نصر) بسكون المهملة، و(معمر) بفتحتين على الميمين.
          فإن قلت: ما وجه تعلق الحديث بالكتاب؟ قلت: قالوا مقصوده الرد على الحنفية حيث صححوا صلاة من أحدث في الجلسة الأخيرة وقالوا التحلل يحصل بكل ما يضاد الصلاة فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث ووجه الرد أنه محدث في صلاته فلا يصح لأن التحلل منها ركن فيها لحديث وتحليلها التسليم كما أن التحريم بالتكبير ركن منها وحيث قالوا: المحدث في الصلاة يتوضأ ويبنى وحيث حكموا بصحتها عند عدم النية في الوضوء بعلة أنه ليس عبادة.
          قوله: (ثمامة) بضم المثلثة وخفة الميم ابن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري والإسناد مسلسل بالأنسيين؛ لأن محمداً هو ابن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس.
          قوله: (ولا يجمع) عطف على فريضة أي: لو كان لكل شريك أربعون شاة والواجب شاتان لا يجمع بينهما ليكون الواجب شاة واحدة ولا يفرق كما لو كان بين الشريكين أربعون لا يفرق لئلا تجب فيه الزكاة؛ لأنه حيلة في إسقاطها أو تنقيصها / .
          قوله: (أبو سهيل) مصغر السهل نافع بن مالك، و(طلحة بن عبيد الله) مصغراً التيمي أحد العشرة المبشرة قتله مروان بن الحكم يوم الجمل.
          قوله: (شرائع الإسلام) أي: واجبات الزكاة وغيرها.
          فإن قلت: مفهوم الشرط يوجب أنه إن تطوع لا يفلح؟ قلت: شرط اعتبار مفهوم المخالفة عدم مفهوم الموافقة وهاهنا مفهوم الموافقة ثابت، إذ من تطوع يفلح بالطريق الأولى مرت أبحاثه في كتاب الإيمان.
          قوله: (أدخل) بلفظ المجهول من الإدخال وفي بعضها: وأدخل بواو العطف، و(الحقة) هي التي أتمت ثلاث سنين تستحق الحمل والركوب.
          فإن قلت: المشهور أنه إذا قال بعض الناس أراد به الحنفية وهذا ليس مختصًّا، إذ الشافعي وغيره يقولون به؟ قلت: الشافعي وإن قال: لا زكاة عليه لا يقول لا شيء عليه لأنه يلومه على هذه النية.
          قوله: (إسحاق) قال الكلاباذي: يروي (خ) عن إسحاق بن منصور وابن إبراهيم الحنظلي وابن نصر السعدي عن عبد الرزاق.
          قوله: (شجاعا) هو من المثلثات وهو حية، و(الأقرع) بالقاف أي: المتناثر شعر رأسه لكثرة سمه، و(يلقمها) أي: يده.
          قوله: (وإذا ما رب النَّعم) بفتح النون وكلمة ما زائدة، و(الخف) للبعير كالظلف للشاة، و(هو يقول) جملة حالية أي: جاز عنده التزكية قبل الحول بيوم فكيف يسقطه في ذلك اليوم.
          قال مغلطاي: الشارح المصري وما ألزم (خ) أبا حنيفة من التناقض فليس بتناقض لأنه لا يوجب الزكاة إلا بتمام الحول ويجعل من قدمها كمن قدم ديناً مؤجلاً.
          قوله: (سعد بن عبادة) بضم المهملة وخفة الموحدة، و(مات) أي: صاحب الإبل (فلا شيء في ماله) أي يزكيه.
          فإن قلت: حاصل هذه الفروع الثلاثة المذكورة كل واحد منها بعد حديث حكم واحد وهو أنه إذا زال عن ملكه قبل الحول فلا شيء عليه فلم كررها ولم فرقها؟ قلت: الإرادة زيادة التشنيع ولبيان مخالفتهم لثلاثة أحاديث.
          قال المهلب: كأن (خ) أراد أن يعرف أن كل حيلة يتحيل بها أحد في إسقاط الزكاة فان إثم ذلك عليه؛ لأنه صلعم لما منع من جمع الغنم وتفريقها خشية الصدقة فهم هذا المعنى وفهم أيضاً من أفلح إن صدق أن من رام أن ينقص شيئاً من الفرائض بحيلة يحتالها أنه لا يفلح.
          وما أجاز الفقهاء من تصرف صاحب المال في ماله قرب حلول الحول لم يريدوا بذلك الفرار من الزكاة، ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط، ألا ترى عقوبة من منعها في حديث الشجاع الأقرع، وحديث ابن عباس حجة ظاهرة لأنه إذا أمره بقضاء الدين عن أمه فالفرائض المهروب عنها آكد من النذر وألزم.
          قوله: (عبيد الله) مصغراً العمري، و(عبد الله) أي: ابن عمرو (الشغار) بكسر الشين من شغر إذا خلا أو من [شغر] الكلب إذا رفع رجله وهو أن ينكح الرجل بنته بشرط أن ينكح الناكح بنته له ويكون صداق كل منهما بضع الأخرى مر في كتاب النكاح، و(المتعة) أن تتزوج المرأة بشرط أن يتمتع بها أياماً ثم يخلى سبيلها.
          فإن قلت: لم قال في النكاح أنه فاسد وفي الشرط أنه باطل؟ قلت: لأن أصل النكاح مشروع وأما الشرط فلا أصل له في الشرع، وعند الحنفية ما لم يشرع بأصله ووصفه فهو الباطل وما شرع بأصله دون وصفه فاسد.
          قال ابن بطال: قال أبو حنيفة نكاح الشغار منعقد ويصلح بصداق المثل وكل نكاح فساده من أجل صداقه لا يفسخ عقده وينصلح بمهر المثل.
          قوله: (ناسا) أي: يصححها، و(خيبر) بالراء لا بالنون والعجب من الشيعة أنهم يجوزون نكاح المتعة وراوي النهي عنها علي ☺.
          قوله: (حتى تمتع) أي: حتى عقد نكاح المتعة.
          فإن قلت: حيث قال بفساده فما معنى الاحتيال فيه؟ قلت: الفساد لا يوجب الفسخ لاحتمال إصلاحه بحذف الشرط منه كما قالوا في بيع الربا لو حذف منه الزيادة صح البيع وبغيره أو المقصود منه القول الأخير وهو القول بجوازه.
          قوله: (فضل) أي: الزائد على قدر الحاجة، و(الكلأ) كالجبل العشب رطباً ويابساً، و(يمنع) بلفظ المجهول.
          الخطابي: هذا في الرجل يحفر البئر في الموات فيملكها بالإحياء وبقرب البئر موات فيه كلأً ترعاه الماشية فأمر صاحب البئر لا يمنع الماشية فضل الماء لئلا يكون مانعاً للكلأ؛ لأنهم إذا منعوا من الماء لا يبقى لهم مقام ثمة.
          فإن قلت: ما كيفية تعلقه بكتاب الحيل؟ قلت: هو إرادة صيانة الكلأ المباح للكل المشترك فيه فتحيل بصيانة الماء ليلزم صيانته.
          فإن قلت: ليس / فيه ذكر البيع؟ قلت: المنع أعم من أن يكون بطريق عدم البيع وغيره أو هو من قبيل ما ترجم ولم يلحق الحديث به وهذا هو الغالب.
          قال المهلب: ظاهر الحديث أنه لم يرد به منع الكلأ لا ينهى عن منع الماء، لكن المقصود أنه لا يمنع فضل الماء بوجه من الوجوه، وذلك لأنه إذا لم يمنع بسبب [غيره] فأحرى أن لا يمنع بسبب نفسه.
          قوله: (التناجش) وهو أن يزيد في الثمن بلا رغبة فيه ليوقع الغير فيه، وأنه ضرب من التحيل في تكثير الثمن.
          قوله: (عيانا) أي: لو علموا هذه الأمور بأن أخذ الزائد على الثمن معاينة بلا تدليس لكان أسهل لأنه ما جعل الدين آلة له.
          قوله: (لا خلابة) بكسر المعجمة وتخفيف اللام وبالموحدة؛ أي: لا خديعة أي لا يلزمني خديعتك أو بشرط أن لا يكون فيه خديعة، و(هذا الرجل) هو حبان بفتح المهملة وشدة الموحدة وبالنون ابن منقذ بفاعل الإنقاذ أي التخلص وجعل صلعم هذا القول منه بمنزلة شرط الخيار ليكون له الرد إذا تبين الخديعة وقيل عام في كل أحد مر مباحثه في البيع.
          قوله: (حجر) بفتح المهملة وكسرها، و(أدنى من سنة نسائها) أي: أقل من مهر مثل أقاربها، و(ذكر الحديث) أي باقي الحديث وتتمته، وهي أن اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال ورغبوا في نكاحها ونسبها والصداق وإذا كانت مرغوباً عنها في قلة المال والجمال تركوها فأخذوا غيرها من النساء قالت فكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق مر في النكاح.
          الزركشي:
          (باب في ترك الحيل) قيل: أدخل الترك في الترجمة حذراً من إفهام إجازة الحيل، وهو شديد على من أجازها فجرى في الترجمة خلاف إطلاقه في قوله: باب بيعة الصغير وإن كان صلعم لم يبايعه كما تقدم ولكن لا تدخل بيعته في الإنكار كالحيل، ولهذا عوضه عن البيعة أن دعا له ومسح رأسه.
          وحديث عائشة سبق في تفسير سورة التحريم وفي الإيلاء.