مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون

          ░13▒ باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون
          فيه حديث عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عمر خرج من الشأم، فلما جاء إلى سرغ الحديث.
          وحديث عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أسامة بن زيد يحدث سعداً أن رسول الله ذكر الوجع.. الحديث.
          الوباء يمد ويقصر، وجمع المقصور: أوباء، وجمع الممدود: أوبئة، والفرار من الطاعون غير جائز ولا يتحيل في الخروج في تجارة أو زيارة أو شبههما ناوياً بذلك الفرار منه، ويبين هذا المعنى قوله ◙: ((إنما الأعمال بالنيات)) والمعنى في النهي عن الفرار منه كأنه يفر من قدر الله وقضائه، وهذا لا سبيل إليه لأحد؛ لأن قدره لا يغلب.
          وسلف هذا الحديث في كتاب: المرضى والطب، في باب: من خرج من أرض لا تلائمه.
          وفيه قبول خبر الواحد.
          قوله: (لا تقدموا عليه) يريد: أن مقامكم بالموضع الذي لا وباء فيه أسكن لنفوسكم وأطيب لعيشكم.
          وفيه: أنه قد يوجد عند بعض العلماء ما ليس عند أكبر منه في العلم، قيل: وفيه دليل على صحة قول ابن الطيب: أن / الصحابة أجمعوا على تقدمة خبر الواحد على قياس الأصول، وفساد قول من قدم قياس الأصول على الخبر؛ لرجوع جميعهم إلى خبر عبد الرحمن.
          وروى أبو موسى الأشعري: أنه كان يبعث بنيه إلى الأعراب من الطاعون، وروي نحوه عن عمرو بن الأشعث، وأبي الأسود بن هلال ومسروق.
          وروي أن أبا عبيدة استقبل [عمر] فقال: جئت بأصحاب رسول الله تدخلهم أرضاً فيها الطاعون الذين هم أئمة يقتدى بهم؟ فقال عمر: يا أبا عبيدة، شككت؟ فقال: أشكا؟ فقال أبو عبيدة: كأن يعقوب إذ قال لبنيه: {لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ} [يوسف:67]. فقال عمر: والله لأدخلنها. فقال أبو عبيدة: والله لا تدخلها. فرده.
          قال والدي ⌂:
          (باب إذا غصب جارية).
          قوله: (فقضى) أي: الحاكم فهي له أي: الجارية لصاحبها أي المغصوب منه ويرد القيمة إلى الغاصب، ولا تكون القيمة ثمناً إذ ليس ذلك بيعاً بل إنما أخذ القيمة لزعم هلاكها فإذا زال ذلك وجب الرجوع إلى الأصل.
          قوله: (لأخذه) أي: صاحبها، و(اعتل) أي: تعلل واعتذر.
          قوله: (أموالكم عليكم) فإن قلت: مقابلة الجمع بالجمع تفيد التوزيع فيلزم أن يكون مال كل شخص حراماً عليه؟ قلت: هو كقولهم بنو تميم قتلوا أنفسهم أي: قتل بعضهم بعضا فهو مجاز أو إضمار فيه للقرينة الصادقة عن ظاهرها كما علم من القواعد الشرعية.
          قوله: (لواء) أي: علم وهو علامة غدرته، ولا شك أن الاعتلال بأنها ماتت غدر وخيانة في حق أخيه المسلم.
          قوله: (محمد بن كثير) ضد القليل، و(أم سلمة) بفتحتين هند المخزومية أم المؤمنين، و(إنما أنا بشر) لا أعلم الغيب وبواطن الأمور كما هو مقتضى الحالة البشرية فأنا أحكم بالظاهر ولعل استعمل استعمال عسى، و(ألحن) من لحن بكسر الحاء إذا فطن لحجته وانتبه لها مر الحديث في كتاب المظالم وثمة بدل ألحن أبلغ، و(على نحو ما أسمع) لأن القاضي يجب عليه أن يحكم بالظاهر وحكمه لا يحلل ولا يحرم، و(من أخيه) أي: من حق أخيه، و(قطعة من النار) أي: حرام عليه مرجعه النار.
          قوله: (يحيى ابن أبي كثير) بالمثلثة، و(لا ينكح) بلفظ النهي، و(الاستئمار) الاستشارة مر في كتاب النكاح، و(لم تزوج) بصيغة ما لم يسم فاعله ولا بأس؛ لأن مذهب الحنفي أن حكم القاضي ينفذ ظاهراً وباطناً.
          قوله: (القاسم) هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق، و(جعفر) هو ابن محمد الصادق وكان أم جعفر بنت القاسم فهو جد أبي المرأة من جهة الأم، و(مجمع) بفاعل التجميع بالجيم والمهملة ابن يزيد بالزاي ابن جارية بالجيم هكذا ذكره في النكاح وهاهنا نسبه إلى جده، و(لا تخشين) بلفظ الجمع خطاباً للمرأة المتخوفة وأصحابها، و(خنساء) بفتح المعجمة وسكون النون وبالمهملة وبالمد، بنت خذام بكسر المعجمة الأولى وخفة الثانية.
          قوله: (سمعته) أي: سمعت يحيى يقول في روايته عن القاسم أن عبد الرحمن روى عن أبيه عن خنساء.
          فإن قلت: ما قال في النكاح عن أبيه؟ قلت: ذلك رواية مالك لا رواية سفيان ابن عيينة ولا محذور لاحتمال رواية عبد الرحمن بالواسطة ودونها.
          قوله: (شيبان) بفتح المعجمة وإسكان التحتانية، و(الأيم) من لا زوج لها بكراً أو ثيباً، لكن المراد منها هنا الثيب بقرينة المقابلة للبكر، و(يسعه) أي: يجوز له ويحل له وهذا تشنيع عظيم لأنه أقدم على الحرام البين عالماً بالتحريم متعمداً لركوب الإثم.
          قوله: (أبو عاصم) هو الضحاك، و(خ) تارة يروي عنه بالواسطة وأخرى بدونها، و(ابن جريج) عبد الملك، و(ابن أبي مليكة) عبد الله، و(ذكوان) بفتح المعجمة وبالواو مولى عائشة، و(الجارية) الفتية من النساء، و(يتيمة) في بعضها: ثيبة ولفظ (فأدركت) ظاهره أنها بعد الشهادة بلغت ورضيت ويحتمل أنه يريد أنه جاء بشاهدين على أنها أدركت ورضيت فتزوجها فيكون داخلاً تحت الشهادة والفاء للسببية.
          فإن قلت: حاصل هذه الفروع الثلاثة واحد وهو أن حكم الحاكم ينفذ ظاهراً وباطناً ويحلل ويحرم فما فائدة التكرار؟ قلت: كثرة التشنيع مع أن الأول صورة في البكر والثاني في الثيب والثالث في الصغيرة إذ لا يتم بعد البلوغ أو في الأولين ثبت الرضا بالشهادة أو أنه / قبل العقد وفي الثالث بالاعتراف أو أنه بعده.
          قوله: (عبيد) مصغراً، و(أجاز) أي: تمم النهار أو أنفذه، و(العكة) بالضم الآنية، و(سودة) بفتح المهملة بنت زمعة، و(المغافير) جمع المغفور بضم الميم وبالمعجمة والفاء والواو والراء صمغ كالعسل له رائحة كريهة، و(جرست) بالجيم والراء والمهملة لحست باللسان وأكلت، و(النحل) ذباب العسل، و(العرفط) بضم المهملة والفاء وإسكان الراء وبالمهملة، شجر خبيث الثمر، و(أناديه) وفي بعضها بالموحدة، و(فرقا) أي: خوفاً، و(حرمناه) أي: منعناه من العسل.
          فإن قلت: تقدم في كتاب الطلاق أنه شرب في بيت زينب والمتظاهرتان على هذا القول عائشة وحفصة؟ قلت: لعله شرب في بيتهما فهما قضيتان.
          فإن قلت: كيف جاز على أزواجه صلعم الاحتيال؟ قلت: هذا كان من مقتضيات الطبيعة للنساء وقد عفى عنها ومرت مباحثه.
          قوله: (الطاعون) هو بثر مؤلم جدا تخرج غالباً من الآباط مع لهيب وخفقان وقيء ونحوه، و(عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام، و(عبد الله بن عامر بن ربيعة) بفتح الراء، و(سرغ) بفتح المهملة وإسكان الراء وبالمعجمة منصرفاً وغير منصرف قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز، و(الوباء) مقصوراً وممدوداً المرض العام، و(لا تقدموا) بفتح الدال.
          فإن قلت: لا يموت أحد إلا بأجله ولا يتقدم ولا يتأخر فما وجه النهي عن الدخول والخروج؟ قلت: لم ينهَ ذلك(1) حذراً عليه إذ لا يصيبه إلا ما كتب له بل حذراً من الفتنة في أن يظن أن هلاكه كان من أجل قدومه عليه، وأن سلامته كانت من أجل خروجه مر في كتاب الطب.
          و(سالم بن عبد الله) في بعضها: عن عبد الله والصواب هو الأول.
          قوله: (الوجع) أي: الطاعون، و(الرجز) بكسر الراء وضمها العذاب والقذر (فيذهب المرة) أي: لا يكون دائماً بل في بعض الأوقات.
          الزركشي:
          (أجاز على نسائه) يقال: جاز الوادي جوازاً وإجازة: قطعه، وقال الأصمعي: جازه مشى فيه، وأجازه قطعه خلفه.
          (سرغ) بفتح الراء وسكونها وبالغين المعجمة: قرية بوادي تبوك من طريق الشام.
          (فلا تقدموا عليه) بفتح التاء والدال، وبضم التاء وكسر الدال.


[1] في هامش المخطوط: في (ط): عن ذلك.