مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعوتهما واحدة»

          ░8▒ باب قول النبي صلعم: ((لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة))
          ثم ساقه كذلك من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
          فيه: إخبار عن المغيبات حدوث الفتنة وقتال المسلمين بعض لبعض، وذلك من أعلام نبوته، ومعنى دعواهما: دينهما أو دعواهما في الحق عند أنفسهما واجتهادهما، ويقتل بعضهم بعضاً. وقد جاء في الكتاب والسنة الأمر بقتال الفئة الباغية إذا تبين بغيها، قال الله تعالى: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا} الآية [الحجرات:9].
          قال ابن أبي زيد: قال من لقينا من العلماء: معنى ذلك إن بغت قبيلة على قبيلة فقاتلتها حمية وعصبية وفخراً بالأنساب وغير ذلك من الثائرة رغبة عن حكم الإسلام، فعلى الإمام أن يفرق جماعتهم، فإن لم يقدر فليقاتل من تبين له ظلمه لصاحبه، وحلت دماؤهم حتى يقهروا، فإن تحققت الهزيمة عليهم وأيس من عودتهم فلا يقتل منهزمهم ولا يجار على جريحهم، وإن لم تتحقق الهزيمة ولم يؤمن رجوعهم فلا بأس بذلك ولا بأن يقتل الرجل في القتال معهم أخاه، وذا قرابته وجده لأبيه وأمه / ، فأما الأب فلا.
          وقال الداودي: هاتان الفئتان هما إن شاء الله أصحاب الجمل، وزعم علي أن طلحة والزبير بايعاه فتعلق بذلك، وزعم طلحة والزبير أن الأشتر النخعي أكرههما على المشي إلى علي. وأخذ موسى هارون يجره إليه على التأويل وشدة الغضب في الله، فلم يعب الله ذلك من فعله.
          وقال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: أنت منافق تجادل عن المنافقين، ولم يكن منافقاً، وعذر النبي صلعم أسيداً بالتأويل.