إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا

          6631- وبه قال‼: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلَّام قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ) بفتح المهملة وسكون الموحدة وبعد المهملة هاء تأنيث، ابنُ سليمان (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم أنَّه قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ) من أمورِ الآخرةِ، وشدَّة أهوالهَا، وما أُعدَّ في النَّار لمن دَخلها، وما في الجنَّة من الثَّواب (لَبَكَيْتُمْ) لذلك(1) بكاء (كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ) ضحكًا (قَلِيلًا) جواب القسم السَّادّ مسدَّ جواب «لو» «لبَكَيتم(2)...» إلى آخره، وفيه _كما في «الفتح»_ دَلالة على اختصاصهِ صلعم بمعارف بصريَّة وقلبيَّة قد يُطلع الله تعالى غيره عليها من المخلصين من أمَّته لكن بطريقِ الإجمال، وأمَّا تفاصيلُها فما اختُصَّ به(3) صلعم ، فجمعَ الله له بين علمِ اليقينِ وعينِ اليقين مع الخشيةِ القلبيَّة، واستحضار العظمةِ الإلهيَّة على وجهٍ لم يكن لغيرِه(4)، زاده الله تعالى شرفًا. /
          فإن قلت: الخطاب إمَّا أن يكون للمؤمنين خاصَّةً أو عامًّا، فإن كان الأوَّل فليس ثمَّة ما يُوجب تقليل الضَّحك وتكثير البكاء؛ لأنَّ المؤمن وإنْ دخل النَّار فعاقبتُه الجنَّة لا محالةَ مخلَّدًا فيها، فمدَّة ما يوجبُ البُكاء بالنِّسبة إلى ما يُوجب الضَّحك والسُّرور نسبة شيءٍ يسيرٍ إلى شيءٍ لا يتناهى، وذلك يُوجب العكسَ، وإن كان الثَّاني فليسَ للكافرِ ما يوجبُ الضَّحك أصلًا؟ أُجيب بأنَّ الخطابَ للمؤمنين، وخرج في مقامِ ترجيحِ الخوفِ على الرَّجاء إخافة على الخاتمةِ.
          والحديث سبق في «الرِّقاق» [خ¦6485].


[1] «لذلك»: ليست في (د).
[2] في (د): «جواب لبكيتم».
[3] في (د): «بها».
[4] في (د): «لغير الله».