إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته

          ░12▒ (باب الحَلِفِ بِعِزَّةِ اللهِ) ╡ (وَصِفَاتِهِ) كالخالقِ والسَّميعِ والبصيرِ والعَليم (وَكَلِمَاتِهِ) ولأبي ذرٍّ: ”وكلامهِ“ كالقرآنِ أو بما أنزلَ الله، وفيه عطفُ العامِّ على الخاصِّ، والخاصِّ على العامِّ؛ لأنَّ الصِّفات أعمُّ من العزَّة والكلام، والأيمانُ تنقسم إلى صريحٍ / ، وكنايةٍ، ومتردّدٍ بينهما، وهو الصِّفات، وهل تلتحق الكنايةُ بالصَّريح فلا تحتاج إلى قصدٍ أم لا؟ والرَّاجح أنَّ صفات الذَّات منها ما(1) يلتحقُ بالصَّريح، فلا تنفعُ معها(2) التَّورية إذا تعلَّق به(3) حقُّ آدميٍّ، وصفات الفعلِ تلتحقُ بالكنايةِ، فعزَّة الله من صفات الذَّات، وكذا جلالُه وعظمتُه.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ممَّا وصله المؤلِّف في «التوحيد» [خ¦7383] (كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَقُولُ: أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ) استدلَّ به على الحلفِ بعزَّة الله؛ لأنَّه وإن كان بلفظ الدُّعاء لكنه لا يستعاذ إلَّا بالله، أو بصفةٍ من صفاتهِ. كذا قال في «الفتح». وقال ابنُ المُنَيِّر في «حاشيته»: أعوذُ بعزَّتِك، دعاءٌ وليس بقَسَمٍ(4)، ولكنَّه(5) لمَّا كان المقرَّر أنَّه لا يُستعاذ إلَّا بالقديمِ ثبت بهذا أنَّ العزَّة من الصِّفات القديمةِ لا من صفاتِ الفعل، فتنعقدُ اليمين بها.
          (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ممَّا سبق في «صفاتِ(6) الحشر» من «كتاب الرِّقاق» [خ¦6573] (عَنِ النَّبِيِّ صلعم : يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا) ذكره صلعم مقرِّرًا(7) له، فيكون حجَّة في الحلفِ به.
          (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ) الخدريُّ ☺ (8): (قَالَ النَّبِيُّ صلعم : قَالَ اللهُ) ╡(9): (لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ) النَّبيُّ صلعم : (وَعِزَّتِكَ(10) لَا غِنَى بِي(11) عَنْ بَرَكَتِكَ) بكسر المعجمة وفتح النون مقصورًا، أي: لا استغناءَ أو لابدَّ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”لا غَناءَ‼“ بفتح الغين(12) المعجمة والمدِّ، والأوَّل أولى؛ لأنَّ معنى الممدود الكفايةُ. يقال: ما عند(13) فلان غَناءٌ، أي: لا يُغتنى به.


[1] في (ع): «لا».
[2] في (ع): «فيها».
[3] في (د) و(ص): «بها».
[4] في (ع): «الله».
[5] في (د): «ولكن»، وفي (ع): «لكن».
[6] في (ص): «صفة».
[7] في (ع): «مكررًا».
[8] «☺»: ليست في (د).
[9] «╡»: ليست في (د).
[10] قوله: «قال النَّبيُّ صلعم : قال الله ... وعزَّتك»: ليس في (ص).
[11] في (ب) و(س): «لي».
[12] «الغين»: ليست في (د).
[13] في (ع): «عن».