إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: كيف كانت يمين النبي

          ░3▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين: (كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صلعم ) الَّتي كان يواظبُ على القسمِ بها أو يكثرُ؟ (وَقَالَ سَعْدٌ) بسكون العين، ابنُ أبي وقَّاص، ممَّا وصله المؤلِّف في «مناقبِ عمر ☺ » [خ¦3483] (قَالَ النَّبِيُّ صلعم ): «إيهًا يا ابنَ الخطَّاب»‼ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) بيد(1) قدرتهِ وتصريفِهِ(2) «ما لقيكَ الشَّيطان سالكًا فجًّا قطُّ إلَّا سلكَ فجًّا غير فجِّك».
          (وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ) الحارثُ بن ربعيٍّ الأنصاريُّ، ممَّا(3) سبق موصولًا في «باب من لم يخمِّس الأسلابَ» من «كتاب الخمس» [خ¦3142] (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) ☺ (عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ) عام حنين: (لَاهَا اللهِ) بالوصل، أي: لا واللهِ (إِذًا) بالتَّنوين جواب وجزاء، أي: لا والله إذا صدقَ لا يكون كذَا، وتمامُه: «لا يعْمِدُ» _يعني: النَّبيَّ صلعم _ «إلى أسدٍ من أُسْد الله يقاتلُ عن اللهِ ورسولهِ صلعم فيُعْطيكَ سَلَبَه» فقال النَّبيُّ صلعم : «صدق(4) فأعطِهِ» الحديثَ، وسبقَ في البابِ المذكورِ. قال البخاريُّ: (يُقَالُ: وَاللهِ) بالواو (وَبِاللهِ) بالموحدةِ (وَتَاللهِ) بالفوقيَّة، يريدُ أنَّها حروف قَسَمٍ، فالأوَّلان يدخلانِ على كلِّ ما يُقسم به، والثَّالث لا يدخل إلَّا على الجلالة الشَّريفة، نعم سُمعَ شاذًّا: ترب الكعبةِ وتالرَّحمن، ونقل الماورديُّ: أنَّ أصل حروفِ القسمِ الواو ثم الموحدةِ(5) ثمَّ المثنَّاة، ونقل ابنُ الصبَّاغ عن أهلِ اللُّغة: أنَّ الموحدة هي الأصل، وأنَّ الواو بدل منها، وأنَّ المثنَّاة بدلٌ من الواو، وقوَّاه ابنُ الرِّفعة بأنَّ الباء تعملُ في الضَّمير بخلافِ الواو، ولو قالَ: اللهَِْ ♣ُ مثلًا _بتثليث آخرهِ أو تسكينهِ(6)_ لأفعلنَّ كذا، فكنايةٌ إنْ نوى بها اليمين فيمينٌ، وإلَّا فلا، واللَّحنُ لا يمنعُ الانعقادَ، ولو قال: أقسمتُ، أو أقسمُ، أو حلفتُ، أو أحلفُ بالله لأفعلنَّ كذا، فيمينٌ؛ لأنَّه عُرْف الشَّرع. قال تعالى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}[الأنعام:109] إلَّا إنْ نَوى خبرًا ماضيًا في صيغةِ الماضِي أو مستقبلًا في المضارعِ فلا يكون يمينًا؛ لاحتمالِ ما نواهُ.


[1] في (س): «أي».
[2] في (د): «وتصرفه».
[3] في (د): «فيما».
[4] «صدق»: ليست في (د).
[5] في غير (د): «الواو الموحدة».
[6] في (د): «وتسكينه».