إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا، ومقلب القلوب

          6628- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) بن واقد الفِريابيُّ (عَنْ سُفْيَانَ) الثَّوريِّ (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ) بضم العين وسكون القاف (عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ) ☻ ، أنَّه(1) (قَالَ: كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صلعم ) الَّتي يحلفُ بها (لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ) بالأعراض والأحوال، قال الرَّاغبُ: تقليبُ الله القلوبَ والأبصار صرفها عن رأي إلى رأي / ، والتَّقليب التَّصرُّف(2)، وسمِّي قلب الإنسان لكثرة تقلُّبه، ويعبَّرُ بالقلبِ عن المعاني الَّتي تختصُّ به من الرُّوح والعلم والشَّجاعة. وقال القاضِي أبو بكر بنُ العربي: القلبُ جزءٌ من البدن خلقهُ الله وجعلَه للإنسانِ محلَّ العلم والكلام وغير ذلك من الصِّفات الباطنةِ، وجعل ظاهر البدن محلَّ التَّصرفات الفعليَّة والقوليَّة، ووكَّل به مَلَكًا يأمرُه بالخيرِ وشيطانًا يأمرُه بالشَّرِّ، فالعقلُ بنورهِ يهديهِ، والهوى بظلمتهِ يُغويه، والقضاء والقدر‼ مُسيطرٌ على الكلِّ، والقلبُ يتقلَّب بين الخواطرِ الحسنة والسَّيئة، والمحفوظُ مَن حفظهُ الله تعالى، وقد تمسَّك بهذا الحديثِ مَن أوجب الكفَّارة على من حلفَ بصفةٍ من صفاتِ الله تعالى فحنثَ، ولا نزاعَ في أصلِ ذلك، وإنَّما اختلفَ في أيِّ صفةٍ تنعقدُ بها اليمين، والتَّحقيق أنَّها مختصَّةٌ بالصِّفة الَّتي لا يُشاركه فيها غيره كمقلِّب القلوب.
          والحديث سبق في «باب يحول بين المرء وقلبه» [خ¦6617].


[1] «أنه»: ليست في (د).
[2] في (ب) و(س): «الصرف».