إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: إن حلف أن لا يشرب نبيذًا فشرب طلاءً أو سكرًا أو عصيرًا

          ░21▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين يذكرُ فيه: (إِنْ حَلَفَ) شخصٌ (أَنْ لَا يَشْرَبَ نَبِيذًا) بالذال المعجمة، متَّخَذًا(1) من تمرٍ أو زبيبٍ أو نحوهما بأن وضعَ عليه ماءٌ وتركَ حتَّى خرجتْ حلاوتُه أسكرَ أم لا؟ (فَشَرِبَ طِلَاءً) بكسر الطاء المهملة وتخفيف اللَّام وبالمدِّ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”الطِّلاء“ بالتَّعريف، ما طُبِخَ من عصيرِ العنبِ. زادَ الحنفيَّة: وذهبَ ثلثهُ، فإن ذهبَ نصفُه فهو المُنَصَّف، وإن طبخ أدنى فهو البَاذَقُ (أَوْ) شرب (سَكَرًا) بفتح المهملة والكاف، خمرًا معتصرًا من العنبِ، هكذا رواه الأثبات، ومنهم من يرويهِ بضم السين وسكون الكاف، يريد حالةَ السَّكر، فيجعلون التَّحريم للسُّكرِ لا لنفسِ المسكرِ، فيبيحونَ قليلَه الَّذي لا يُسكر، والمشهورُ الأوَّل (أَوْ) شرب (عَصِيرًا) ما عُصِر من العنبِ (لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ) أي: أبي حنيفة وأصحابه (وَلَيْسَتْ) بالفوقيَّة بعد السين، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”وليس“ (هَذِهِ) المذكورات الطِّلاء والسَّكَر والعَصِير (بِأَنْبِذَةٍ عِنْدَهُ) عندَ أبي حنيفة وأصحابه؛ لأنَّ النَّبيذَ في الحقيقة ما نُبِذ في الماءِ ونُقعَ فيه، ومنه سُمِّي المنبوذُ منبوذًا؛ لأنَّه نُبِذ، أي: طُرِح. واعترضَهُ العينيُّ بأنَّه يحتاجُ إلى دليلٍ ظاهرٍ؛ أنَّ هذا نُقِلَ عن أبي حنيفةَ، ولئن سلَّمنا ذلك فمعناهُ: أنَّ كلَّ واحدٍ من الثَّلاثة يسمَّى باسمٍ خاصٍّ كما مرَّ، وإن كان يُطْلق عليها اسمُ النَّبيذِ في الأصلِ.


[1] في (ع) و(د): «يتخذ».