إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا بل شربت عسلًا عند زينب ابنة جحش ولن أعود له

          5267- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ) ولأبي ذرٍّ: ”صباح الزَّعفرانيُّ“ الفقيه، قال: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ) هو ابنُ محمَّدٍ الأعورُ (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بنِ عبد العزيز أنَّه (قَالَ: زَعَمَ عَطَاءٌ) هو ابنُ أبي رباحٍ (أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْر) بضم العين فيهما مصغَّرين، اللَّيثيَّ المكيَّ، والزَّعم المرادُ به القول (يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ ♦ ) تقول: (إِنَّ النَّبِيَّ صلعم ‼ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ) ولأبي ذرٍّ: ”بنت“ (جَحْشٍ) ♦ (وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ) بالصاد المهملة (أَنَا وَحَفْصَةُ) بنت عمر (أَنَّ أَيَّتَنَا) ولأبي ذرٍّ وابن عساكرَ: ”أنْ أيَّتُنا“ بفتح الهمزة وتخفيف النون والرَّفع (دَخَلَ عَلَيْهَا(1) النَّبِيُّ صلعم فَلْتَقُلْ) له: (إِنِّي أَجِدُ(2) مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟) بالغين المعجمة والفاء بعدها تحتية ساكنة، جمع مُغفورٍ بضم أوَّله.
          قال في «القاموس»: والمغافرُ والمغافيرُ: المغاثيرُ، يعني: بالمثلثة بدل الفاء، الواحد مِغفر كمِنبر، ومُغفر ومُغفور بضمِّهما(3)، ومِغفار ومِغفير(4) بكسرهما(5). وقال في مادَّة «غ ث ر»: والمِغثر كمِنبر: شيءٌ ينضحه الثُّمام والعشر والرِّمث كالعسل، الجمع مَغاثير، وأغثر الرِّمث: سال منه، وتَمغثر: اجتناهُ. انتهى.
          وقال ابنُ قتيبة: هو صمغٌ حلوٌ له رائحةٌ كريهةٌ، وذكر البخاريُّ أنَّه شبيهٌ بالصَّمغ يكون في الرِّمْث _بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة_ من الشَّجر الَّتي ترعاها الإبلُ، وأكلت استفهامٌ محذوفُ(6) الأداة.
          (فَدَخَلَ) صلعم (عَلَى إِحْدَاهُمَا) قال ابن حجرٍ: لم أقف على تعيينهَا(7) وأظنُّها حفصة (فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ) القول الَّذي تواصيا عليه: أكلتَ مَغافير (فَقَالَ: لَا) لم آكل مَغافير (بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا) ولأبي ذرٍّ: ”لا بأسَ شربتُ عسلًا“ (عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ(8) جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ) للشُّرب، وزاد في روايةِ هشام بن يوسف(9) في «تفسير سورة التَّحريم» [خ¦4912]: «وقد حلفتُ لا تخبرِي بذلك أحدًا» (فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} إِلَى) قولهِ تعالى: ({إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ}[التحريم:1-4]) أي: (لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ) وعند ابنِ عساكرَ هنا: ”باب {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ} يعني: لعائشةَ وحفصةَ“ ({وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا).
          قال في «الفتح»: هذا القدر، أي: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ}... إلى آخره بقيَّة الحديثِ، وكنتُ أظنُّه من ترجمةِ البخاريِّ حتَّى وجدتُه مذكورًا في آخرِ الحديث عند مسلمٍ، قال: وكأن المعنى: وأمَّا المراد بقولهِ تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}[التحريم:3] فهو لأجل قولهِ: «بل شربتُ عسلًا».


[1] في (ص): «علينا».
[2] في (ب) و(س): «لأجد».
[3] «بضمهما»: ليست في (م) و(د).
[4] في (م) و(د): «مغفارة ومغفيرة».
[5] «بكسرهما»: ليست في (د).
[6] في (م) زيادة: «منه».
[7] في (م): «تعيينهما».
[8] في (س): «بنت».
[9] في (م): «يونس».