إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟

          ░3▒ (بابُ مَنْ طَلَّقَ) امرأته جاز له ذلك لأنَّ الله تعالى شرع الطَّلاق كما شرع النِّكاح، قال تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ}[البقرة:229] و{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ}[الطلاق:1] وأمَّا حديثُ: «ليسَ شيءٌ منَ الحلالِ أبغَضَ إلى اللهِ منَ الطَّلاقِ» المرويُّ في «سنن أبي داود» بإسنادٍ صحيحٍ وصحَّحه الحاكم، وفي لفظ: «إنَّ أبغَضَ المباحَاتِ عندَ اللهِ الطَّلاق» فمحمولٌ على ما إذا وقعَ عن غير سببٍ مع كونه أُعلَّ بالإرسالِ، بل قال الشَّيخ كمال الدِّين ابنُ الهمام: إنَّه نصَّ على إباحتهِ وكونهِ مبغوضًا، وهو(1) لا يستلزمُ ترتُّب لازم المكروه الشَّرعيِّ إلَّا لو كان مكروهًا بالمعنى الاصطلاحيِّ، ولا يلزم ذلك من وصفه بالبُغض إلَّا لو لم يصفْه بالإباحة، لكنَّه وصفه بها؛ لأنَّ أفعل التَّفضيل بعض ما أُضيف إليه، وغاية ما فيه أنَّه مبغوضٌ إليه سبحانه وتعالى، ولم يرتِّب عليه ما رتَّب على المكروهِ، ودليل نفي الكراهةِ قوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ}[البقرة:236] وطلاقهُ صلعم حفصةَ (وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ؟) الأَولى ترك ذلك إلَّا إن احتيجَ إليه(2).


[1] «وهو»: ليست في (ب).
[2] في (م) و(د): «له».