إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف

          3707- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ) بفتح الجيم وسكون العين المهملة، أبو الحسن، الجوهريُّ الهاشميُّ مولاهم قال: (أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) محمَّدٍ (عَنْ عَبِيدَةَ) بفتح العين وكسر المُوحَّدة، السَّلمانيِّ (عَنْ عَلِيٍّ ☺ ) أنَّه (قَالَ) لأهل العراق لمَّا قَدِمَها وأخبرهم أنَّ رأيه كرأي عمر في عدم بيع أمَّهات الأولاد(1)، وأنَّه رجع عنه فرأى أن يُبَعْنَ، وقال له عَبيدة السَّلمانيُّ: رأيك ورأي عمر في الجماعة أحبُّ إليَّ من رأيك وحدك في الفرقة (اقْضُوا كَمَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”على ما“ (كُنْتُمْ تَقْضُونَ) قبل (فَإِنِّي أَكْرَهُ الاِخْتِلَافَ) على الشَّيخين، أو الاختلاف الذي يؤدِّي إلى التَّنازع والفتن، وإلَّا فاختلاف الأمَّةِ رحمةٌ، ولا أزال على ذلك (حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ) «للنَّاسِ» جارٌّ ومجرورٌ، و«جماعةٌ» اسم «كان»، ولأبي ذرٍّ: ”حتَّى يكون النَّاسُ جماعةً“، «النَّاسُ» بالرَّفع: اسمها، وتاليها: خبرُها (أَو أَمُوتَُ) بالرَّفع، خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: أو أنا أموت، والنَّصب عطفًا على «حتَّى يكونَ»‼ (كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي) وقد اختُلِف في(2) الصَّدر الأوَّل في بيع أمَّهات الأولاد؛ فعن عليٍّ وابن عبَّاسٍ وابن الزُّبير الجواز، قال في «الرَّوضة»: وعن الشَّافعيِّ ميلٌ للقول ببيعها، وقال الجمهور: ليس للشَّافعيِّ فيه اختلاف قولٍ، وإنَّما ميلُ القولِ إشارةٌ إلى مذهب مَنْ جوَّزه، ومنهم من قال: جوَّزه في القديم، فعلى هذا هل تُعتَق بموت السَّيِّد؟ وجهان؛ أحدهما: لا وبه أجاب صاحب «التَّقريب» والشَّيخ أبو عليٍّ، والثَّاني: نعم قاله الشَّيخ أبو محمَّدٍ والصَّيدلانيُّ؛ كالمُدَبَّر قاله الإمام(3)، وعلى هذا يحتمل أن يُقال: تُعتَق من رأس المال، ويحتمل من الثُّلث، فإذا قلنا بالمذهب: إنَّه لا يجوز بيعُها، فقضى قاضٍ بجوازه؛ فحكى الرُّويانيُّ عن الأصحاب: أنَّه يُنقَض قضاؤه، وما كان فيه(4) من خلافٍ بين القرن الأوَّل؛ فقد انقطع وصار مُجمَعًا على منعه، ونقلَ الإمامُ فيه وجهين.
          (فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ) محمَّدٌ بالسَّند السَّابق (يَرَى) أي: يعتقد (أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى) ممَّا يرويه الرَّافضة (عَلَى عَلِيٍّ) ولأبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر: ”عن عليٍّ“ من الأقوال المشتملة على مخالفة الشَّيخين (الكَذِبُ) بالرَّفع، خبر المبتدأ الذي هو «عامَّة ما يُروَى»، ووقع في رواية أبي ذرٍّ: حديث سعدٍ بعد حديث عليٍّ.


[1] في (ج): «المؤمنين» وشطب عليها وقال في الهامش: «لعله الأولاد»: وجميعها في (ص) و(م) فقال: «الأولاد المؤمنين».
[2] «في»: مثبتٌ من (م).
[3] يقصد إمام الحرمين، كما في «المجموع».
[4] «فيه»: ليس في (م).