إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عمر: الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء

          3264- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ (عَنْ يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) بضمِّ العين مصغَّرًا، ابن عمر أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالمَاءِ) وليس في هذه الأحاديث كيفيَّة التَّبريد المذكور، وأولى ما يُحمَل عليه ما فعلته أسماء بنت أبي بكرٍ _كما في «مسلمٍ»_: «أنَّها كانت تُؤتَى بالمرأة الموعوكة فتصبُّ الماء في جيبها»، وفي غيره: «أنَّها كانت ترشُّ على بدن المحموم شيئًا من الماء بين ثدييه وثوبه»، فالصَّحابيُّ ولا سيَّما أسماءَ الَّتي هي ممَّن كان يلازم بيت النَّبيِّ صلعم أعلم بالمراد من غيرها، والأطبَّاء يسلِّمون أنَّ الحُمَّى الصَّفراويَّة يُدبَّر صاحبها بسقي الماء البارد(1) الشَّديد البرودة، ويسقونه الثَّلج ويغسلون أطرافه بالماء البارد، ويحتمل أن يكون ذلك لبعض الحُمَّيات دون بعضٍ. قال في «الفتح»: وهذا أوجه، فإنَّ خطابه صلعم قد يكون عامًّا، وهو الأكثر، وقد يكون خاصًّا، فيحتمل أن يكون هذا مخصوصًا بأهل الحجاز وما والاهم؛ إذ كانت أكثر الحُمَّيات الَّتي تعرض لهم من العرضيَّة الحادثة عن شدَّة الحرارة(2)، وهذه ينفعها(3) الماء شربًا واغتسالًا.
          وبقية مباحث هذا تأتي إن شاء الله تعالى في «كتاب الطِّبِّ» [خ¦5723] بعون الله تعالى.


[1] زيد في (م): «و».
[2] في (م): «الحرِّ».
[3] في (م): «صفتها».