إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر قضي في السماء

          3210- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) قيل: هو ابن يحيى الذُّهليُّ، وقال أبو ذرٍّ الهرويُّ: ”هو البخاريُّ“ ورجَّحه الحافظ ابن حجرٍ بأنَّ أبا نُعَيمٍ والإسماعيليَّ لم يجداه من غير رواية البخاريِّ، ولو كان عند غير البخاريِّ لَمَا ضاق عليهما مخرجه، وتعقَّبه العينيُّ بأنَّ عدم وجدانهما للحديث لا يستلزم أن يكون محمَّدٌ هنا هو البخاريّ، وهذا ظاهرٌ لا يخفى، ولم تجر عادة البخاريِّ بأن يذكر اسمه قبل ذكر(1) شيخه، قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ)‼ سعيد بن محمَّد بن الحكم قال: (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ) عُبيد الله، واسم أبي جعفرٍ: يسارٌ القرشيُّ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أبو(2) الأسود (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ ♦ زَوْجِ النَّبِيِّ صلعم ) وسقط لأبي ذرٍّ قوله «زوج النَّبيِّ(3)...» إلى آخره، (أَنَّهَا) قالت (سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: إِنَّ المَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ) بفتح العين المهملة والنُّون المُخفَّفة (وَهْو السَّحَابُ) زنةً ومعنًى، وهو تفسير الرَّاوي لـ «العنان» أدرجه في الحديث، فالسَّحاب مجازٌ عن السَّماء، كما أنَّ السَّماء(4) مجازٌ عن السَّحاب، كما(5) في قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا}[الفرقان:48] في وجهٍ (فَتَذْكُرُ) الملائكة (الأَمْرَ) الَّذي (قُضِيَ فِي السَّمَاءِ) وأصل ذلك: أنَّ الملائكة تسمع في السَّماء ما قضى الله تعالى في كلِّ يومٍ من الحوادث، فيحدِّث بعضهم بعضًا (فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ) أي: تختلسه منهم، والقاف مُخفَّفةٌ (فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ) بضمِّ الكاف وتشديد الهاء، جمع كاهنٍ، من يخبر بالمُغيَّبات المُستقبَلة (فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا) أي: مع الكلمة المسموعة من الشَّياطين (مِئَةَ كَذْبَةٍ) بفتح الكاف وسكون المعجمة، وفي «اليونينيَّة»: بكسرها (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ).


[1] «ذكر»: ليس في (م).
[2] «أبو»: سقط من غير (د).
[3] في (د): «النَّبيِّ صلعم».
[4] في (ص): «السَّحاب» وليس بصحيحٍ.
[5] «كما»: ليس في (س).