الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ظهور الفتن

          ░5▒ (باب: ظُهُورِ الفِتَن)
          وسيأتي [في] (باب: قوله ╕: الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ) أنَّ ابتداء الفتن كان بسبب قتل عثمان.
          قالَ الحافظُ: ذيل شرح حديث الباب وقد جاء عن أبي هريرة مِنْ طريق أخرى زيادة في الأمور المذكورة، فأخرجَ الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» مِنْ طريق سعيد بن جبير عنه رفعه: ((لَاْ تَقُومُ السَّاعة حَتَّى يَظْهَرَ(1) الْفُحْشُ وَالْبُخْلُ، وَيُخَوَّنَ الأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ، وَيَهْلِكَ(2) الْوُعُولُ، وتظهرَ(3) التُّحُوت، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا التُّحُوتُ والْوُعُولُ؟ قَالَ: الْوُعُولُ: وُجُوهُ النَّاس وَأَشْرَافُهُمْ، وَالتُّحُوتُ: الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاس ليس يُعلم بهم)).
          قالَ ابنُ بطَّالٍ: وجميع ما تضمَّنه هذا الحديث مِنَ الأشراط قد رأيناها عيانًا، فقد نقص العِلم، وظهر الجهلُ، وألقي الشُّحُّ في القلوب، وعمَّت الفتن، وكثُرَ القتل.
          قالَ الحافظُ: الَّذِي يظهر أنَّ الَّذِي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله، والمراد مِنَ الحديث استحكام ذلك حَتَّى لا يبقى ممَّا يقابله إلَّا النادر... إلى آخر ما ذكر الحافظ. ثمَّ قالَ: والواقع أنَّ الصِّفات المذكورة وجدت مبادئها(4) مِنْ عهد الصَّحابة، ثمَّ صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض، والَّذِي يعقبه قيام السَّاعة استحكام ذلك، وقد مضى مِنَ الوقت الَّذِي قال فيه ابن بطَّالٍ ما قال نحو ثلاث مئة وخمسين سنةً، والصِّفات المذكورة في ازدياد في جميع البلاد، لكن يقلُّ بعضُها في بعضٍ، ويكثر بعضُها في بعضٍ.
          قالَ ابنُ بطَّالٍ: ليس في هذا الحديث ما يحتاج إلى تفسير غير قوله: (يتقَارَبُ الزَّمَان) ثمَّ بسط الحافظ الكلام في شرحه، ولخَّصه القَسْطَلَّانيُّ، وتقدَّم الكلام عليه في «هامش اللَّامع» في أبواب الاستسقاء. وقالَ الحافظُ أيضًا: وأمَّا قول ابن بطَّالٍ: أنَّ(5) بقية الحديث لا تحتاج إلى تفسير، فليس كما قال، فقد اختُلف أيضًا في المراد بقوله: (ينقص العِلم) ثمَّ بسط الأقوال.


[1] في (المطبوع): ((تظهر)).
[2] في (المطبوع): ((وتهلك)).
[3] في (المطبوع): ((ويظهر)).
[4] في (المطبوع): ((مباديها)).
[5] في (المطبوع): ((إن)).