الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول النبي: «ويل للعرب من شر قد اقترب»

          ░4▒ (باب: قَول النَّبيِّ صلعم: وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ)
          قالَ الحافظُ: إنَّما خصَّ العرب بالذِّكر، لأنَّهم أوَّل مَنْ دخل في الإسلام، وللإنذار بأنَّ الفِتن إذا وقعت كان الهلاك أسرعَ إليهم، وذكر فيه حديثين: أحدهما: حديث زينب بنت جحش، وهو مطابق للتَّرجمة، قالَ ابنُ بطَّالٍ: أنذر النَّبيُّ صلعم في هذا الحديث بقرب قيام السَّاعة كي يتوب(1) قبل أن تهجم عليهم، وقد ثبت أنَّ خروج يأجوج ومأجوج قرب قيام السَّاعة، فإذا فُتح مِنْ ردمهم ذاك القدرُ في زمنه صلعم لم يزل الفتح يتَّسع على مرِّ الأوقات. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ) أراد به الاختلاف الَّذِي ظهر بين المسلمين مِنْ وقعة عثمان ☺ وما وقع بين [عليٍّ و] معاوية ☻، وخصَّ العرب بالذِّكر، فذكر ما تقدَّم في كلام الحافظ.
          وقالَ القاريُّ في «المرقاة»: وخصَّ العرب بذلك لأنَّهم كانوا حينئذٍ معظمُ مَنْ أسلم، والأظهر أنَّ المراد به ما أشار إليه صلعم في الحديث المتَّفق عليه بقوله: (فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) الحديث كما تقدَّم(2) والله أعلم.
          قالَ الطِّيبيُّ: أراد به الاختلاف الَّذِي ظهر بين المسلمين مِنْ وقعة عثمان ☺ ، أو ما وقع بين عليٍّ كرم الله وجهه ومعاوية ☺ ، أقول: أراد به قضيَّة يزيد مع الحسين ☺ ، وهو في المعنى أقرب، لأنَّ شرَّهُ ظاهر عند كلِّ أحد مِنَ العرب والعجم. وقالَ ابنُ الملك ☼: قوله: (مِنْ [شرٍّ]...) أي: مِنْ خروج جيشٍ يقاتل العرب، وقيل أراد به الفتن الواقعة في العرب أوَّلُها قتل عثمان، واستمرَّت إلى الآن. انتهى.
          وقالَ الحافظُ في موضع آخر مِنَ «الفتح»: قالَ القُرْطُبيُّ: ويحتمل أن يكون المراد بالشَّرِّ ما أشار إليه في حديث أمِّ سلمة: (مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيلةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنَ) فأشار بذلك أي(3): الفتوح الَّتي فتحت بعده، فكثرت الأموال في أيديهم، فوقع التَّنافس الَّذِي جرَّ الفتن، وكذلك التَّنافس على الإمرة، فإنَّ معظم ما أنكروه على عثمان تولية أقاربه مِنْ بني أمية وغيرهم، حَتَّى أفضى ذلك [إلى] قتلهم(4)، وترتَّب على قتله مِنَ القتال بين المسلمين ما اشتُهر واستمرَّ. انتهى. /


[1] في (المطبوع): ((يتوبوا)).
[2] قوله: ((كما تقدم)) ليس في (المطبوع).
[3] في (المطبوع): ((إلى)).
[4] في (المطبوع): ((قتله)).