الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما من النبي على الأسارى من غير أن يخمس

          ░16▒ (باب: ما مَنَّ النَّبيُّ صلعم على الأُسارى...) إلى آخره
          قال الحافظ: أراد بهذه التَّرجمة أنَّه كان له صلعم أن يتصرَّف في الغنيمة بما يراه مصلحة فيُنَفِّل مِنْ رأس الغنيمة، وتارة مِنَ الخمس، واستدلَّ على الأوَّل بأنَّه كان يمنُّ على الأسارى مِنْ رأس الغنيمة، وتارةً مِنَ الخمس، فدلَّ على أنَّه كان له أن يُنَفِّل مِنْ رأس الغنيمة، وذكر فيه حديث جبير بن مطعم: (لو كان المطعم حيًّا) إلى آخره.
          قالَ ابن بطَّالٍ: وجه الاحتجاج به أنَّه صلعم لا يجوز في حقِّه أن يخبر عن شيء لو وقع لفعلَه، وهو غير جائز، فدلَّ على أنَّ للإمام أن يمنَّ على الأسارى بغير فداء خلافًا لمن منع ذلك كما تقدَّم، واستدلَّ به على أنَّ الغنائم لا يستقرُّ مِلك الغانمين عليها إلَّا بعد القسمة، وبه قال المالكيَّة والحنفيَّة.
          وقال الشَّافعيُّ: يملكون بنفس الغنيمة، والجواب عن حديث الباب أنَّه محمول على أنَّه كان يستطيب أنفس الغانمين، وليس في الحديث ما يمنع ذلك.
          ثم قال الحافظ: وَالَّذِي يظهر أنَّ هذا كان باعتبار ما تقدَّم في أوَّل الأمر أنَّ الغنيمة كانت للنَّبيِّ صلعم يتصرَّف فيها حيث شاء، وفرضُ الخمس إنَّما نزل بعد قسمة غنائم بدر كما تقرَّر، فلا حاجة إذن في هذا الحديث لما ذكرنا. انتهى.
          وفي «الفيض»: تحت هذا الباب، وهذه أيضًا ناظرة إلى مذهب مالك، فإنَّه إذا مَنَّ عليهم، ولم يأخذ منهم الخمس دلَّ على كونه إلى رأي الإمام. انتهى.