الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما جاء في بيوت أزواج النبي وما نسب من البيوت إليهن

          ░4▒ (باب: ما جاء في بُيُوتِ أزْوَاج النَّبيِّ صلعم ...) [إلى آخره]
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ إضافتها إليهنَّ تمليكيَّة، وإليه صلعم لأدنى ملابسة، فكان قد ملَّكهنَّ إيَّاها قبل الموت، فلا يعترض على قوله: ((لَاْ نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ)). انتهى.
          وفي «هامشه»: قال الحافظ: قالَ ابن المنيِّر: غرضه بهذه التَّرجمة أن يبيِّن أنَّ هذه النِّسبة تحقِّق دوام استحقاقهنَّ للبيوت ما بقين، لأنَّ نفقتهنَّ وسكناهنَّ مِنْ خصائص النَّبيِّ صلعم، والسِّرُّ فيه حبسُهنَّ عليه.
          قالَ الطَّبَريُّ: قيل: كان النَّبيُّ صلعم مَلَّك كلًّا مِنْ أزواجه البيت الَّذِي هي فيه، فسكنَّ بعده فيهنَّ بذلك التَّمليك، وقيل: إنَّما لم ينازعهنَّ في مساكنهنَّ لأنَّ ذلك مِنْ جملة مؤونتهنَّ(1) الَّتي كان النَّبيُّ صلعم استثناها لهنَّ ممَّا كان بيده أيَّام حياته حيث قال: ((ما تركت بعد نفقة نسائي)) قال: وهذا أرجحُ، ويؤيِّده أنَّ ورَثَتهنَّ لم يرثنَ عنهنَّ منازِلَهُنَّ، ولو كانت البيوت مِلكًا لهنَّ لانتقلت إلى ورثتهنَّ... ولهذا زيدت بيوتهنَّ في المسجد النَّبويِّ بعد موتهنَّ لعموم نفعه للمسلمين كما فُعل فيما كان يصرفه لهنَّ مِنَ النَّفقات، وادَّعى المهلَّب أنَّ النَّبيَّ صلعم كان حَبَس عليهنَّ بيوتهنَّ، ثمَّ استدلَّ به على أنَّ مَنْ حبس دارًا جاز له أن يسكن منها في موضع، وتعقَّبه ابن المنيِّر بمنع أصل الدَّعوى، ثمَّ على التَّنزُّل لا يوافق ذلك مذْهَبَه إلَّا إنْ صَرَّحَ بالاستثناء، ومِنْ أين له ذلك؟! انتهى مختصرًا.
          قلت: ذكر الإمام البخاريُّ في التَّرجمة آيتين، في إحداهما نسبة البيوت إلى الأزواج، وفي الأخرى إلى النَّبيِّ صلعم، ولعلَّه أشار بذلك إلى الاختلاف في ذلك، وقول البخاريِّ في التَّرجمة: (وما نُسب إليهن) لعلَّه إشارة إلى ترجيح ملكهنَّ، وعليه بنى الشَّيخ قُدِّس سرُّه تقريره، والمسألة خلافيَّة، كما في «هامش اللَّامع» عن «حاشية الجمل».


[1] في (المطبوع): ((مُؤْنتهن)).