الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا قال رب الأرض: أقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلا

          ░17▒ (باب: إذا قال ربُّ الأرض: أُقِرُّك ما أَقَرَّك اللهُ...) إلى آخره
          قال صاحب «الفيض»: هذه التَّرجمة أيضًا مِنَ التَّراجم الَّتِي لا تسقط على محطٍّ، ولا ترجع إلى أصل، فإنَّ حقيقة المعاملة مع أهل خيبر لم تَتَنقَّح عنده بعد، فقد يجعلها إجارةً، وأخرى مزارعةً، ولا تَصِحَّان إلَّا أن تكون ملكًا للنَّبيِّ صلعم والمسلمين، وأمَّا إذا كان(1) ملكًا لأنفسهم فلا تصحُّ لا هذه ولا تلك، فلا تكون إلَّا خراجًا لقاسمة(2)، ثمَّ فرَّع عليها تفريعات لا تستقيم بحال أيضًا، فذكر إبهام الأجل، وذا لا يصحُّ على تقدير كونها إجارةً أو مزارعةً باتِّفاق الفقهاء لأنَّ التَّبايع(3)(4) قد جُبلت على المماكسة في هذا الباب، فالإبهام فيها يُفضي إلى المُنازعة لا محالة، أمَّا الخراج لقاسمة(5)(6) فيصحُّ مع جهالة العمل(7) لكونِه بين الإمام والرَّعيَّة، والأمنِ مِنْ إفضائه إلى المنازعة، فللإمام أنَّ يقرَّ مَنْ شاء إلى ما شاء مِنْ غير مدفع(8)(9) ولا مُنازِع. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: / تمسك به بعض أهل الظَّاهر على جواز المُساقاة إلى أجل مجهول وجمهور الفقهاء على أنَّها لا تجوز إلا إلى أجل معلوم، وقالوا: هذا الكلام كان جوابًا لِما طلبوه حين أراد إخراجهم منها فقالوا: نعمل فيها ولكم النِّصف، نكفيكم مُؤنة العمل، فلمَّا فهمت المصلحة أجابهم إلى الإبقاء ووقفه على مشيئته، وبعد ذلك عاملهم على المساقاة... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          وأفاد الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع» فائدة متعلِّقة بشرح الحديث لم يتعرَّض لها الشُّرَّاح وأجاد فيها حيث قال: قوله: (أجْلَى اليهود والنَّصارى...) إلى آخره، وقد ورد في أكثر الرِّوايات والآيات ذكر إجلاء اليهود ولم تُذكر النَّصارى إلَّا قليلًا، وذلك لكثرة اليهود وقلَّة النَّصارى، وأنَّ(10) خبث طويَّتهم كان بأمثالهم على الشِّقاق والنِّفاق والتَّلبُّس بأرذل الأخلاق فذُكروا أكثر ممَّا ذُكر إخوانهم النَّصارى. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((كانت)).
[2] كذا في الأصل وفي الفيض قوله: خراجا مقاسمةوهو أوضح، فيض الباري:3/554
[3] في (المطبوع): ((الطبائع)).
[4] في الفيض: الطبائع
[5] في (المطبوع): ((مقاسمة)).
[6] في الفيض قوله: الخراج مقاسمة
[7] في (المطبوع): ((الأجل)).
[8] في (المطبوع): ((مدافع)).
[9] في الفيض: مدافع
[10] في (المطبوع): ((ولأن)).