الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم وكان في ذلك صلاح لهم

          ░13▒ (باب: إذا زرع بمالِ قومٍ بغير إذنهم...) إلى آخره
          قال الحافظ: أي: لمن يكون الزَّرع؟ أورد فيه حديث الثَّلاثة الَّذين انطبق عليهم الغار، والمقصود منه هنا(1) قول أحد الثَّلاثة: (فعرضت عليه _أي على الأجير_ حقَّه فرغب عنه، فلم أزل أزرعه...) إلى آخره، فإنَّ الظَّاهر أنَّه عيَّن له أجرته، فلمَّا تركها بعد أن تعيَّنت له ثمَّ تصرَّف المستأجر بعينها صارت مِنْ ضمانه.
          قال ابن المنيِّر: مطابقة التَّرجمة أنَّه قد عيَّن له حقَّه ومكَّنه منه، فبرئت ذمَّته بذلك، فلمَّا تركه وضع المستأجر يده عليه وضعًا مستأنفًا، ثمَّ تصرَّف فيه بطريق الإصلاح لا بطريق التَّضييع، فاغتفر لذلك ولم يُعَدَّ تعدِّيًا، ولذلك توسَّل به إلى الله ╡ وجعله مِنْ أفضل أعماله، وأُقرَّ على ذلك ووقعت له(2) الإجابة، ومع ذلك فلو هلك الفَرَق لكان ضامنًا له إذ لم يؤذن له في التَّصرُّف فيه، فمقصود التَّرجمة إنَّما هو خلاص الزَّارع مِنَ المعصية بهذا القصد، ولا يلزم مِنْ ذلك رفع الضَّمان.
          ويحتمل أن يقال: إن توسُّله بذلك إنَّما كان لكونه أعطى الحقَّ الَّذِي عليه مضاعفًا لا بتصرُّفه، كما أنَّ الجلوس بين رِجلي المرأة معصية، لكنَّ التَّوسُّل لم يكن إلَّا بترك الزِّنا، والمسامحة بالمال ونحوه. انتهى.
          وتقدَّم الحديث في (باب: مَنِ اشترى لغيره بغير إذنه) وتقدَّم هناك اختلاف الأئمَّة في بيع الفضوليِّ، وكذا تقدَّم حديث الباب في (باب: مَنِ استأجر أجيرًا فترك أجره) وتقدَّم هناك اختلافهم في المستودَع إذا اتَّجر في مال الوديعة، وكذا الضَّارب إذا خالف ربَّ المال لمن يكون / الرِّبح؟ فارجع إليه لو شئت.
          قوله: (فَرَق أرزٍّ) تقدَّم في البيوع بلفظ: (فَرَق مِنْ ذُرة) فيجمع بينهما بأنَّ الفَرَق كان مِنَ الصِّنفين وأنَّهما لمَّا كانا حَبَّين متقاربين أُطلق أحدُهما على الآخر، والأوَّل أقرب. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((هذا)).
[2] قوله: ((له)) ليس في (المطبوع).