الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب المزارعة بالشطر ونحوه

          ░8▒ (باب: المزارعة بالشَّطر ونحوه...) إلى آخره
          قال الحافظ ☼: راعى المصنِّف لفظ الشَّطر لوروده في الحديث، وألحق غيره تساويهما في المعنى، ولولا مراعاة لفظ الحديث لكان قوله: (المزارعة بالجزء) أخصر وأبين. انتهى.
          ثمَّ قال الحافظ: وإنَّما ذكر البخاريُّ هذه الآثار في هذا الباب ليُعلم أنَّه لم يصحَّ في المزارعة على الجزء حديث مسند، وكأنَّه غفل عن آخر حديث الباب، وهو حديث ابن عمر في ذلك وهو معتمد مَنْ قال بالجواز، والحقُّ أنَّ البخاريَّ إنَّما أراد بسياق هذه الآثار الإشارة إلى أنَّ الصَّحابة ♥ لم يُنقل عنهم خلافٌ في الجواز خصوصًا أهل المدينة، فيلزم مَنْ يقدِّم عملهم على الأخبار المرفوعة أن يقوموا بالجواز على قاعدتهم(1). انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ تبعًا للحافظ تحت أثر عمر ☺ : وفي إيراد البخاريِّ هذا الأثر وغيره في هذه التَّرجمة ما يقتضي أنَّه يرى أنَّ المزارعة والمخابرة بمعنًى واحد، وهو وجه عند الشَّافعيَّة، والآخر أنَّهما مختلفا المعنى، فالمزارعة: العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر مِنَ المالك، والمخابرة مثلها لكنَّ البذر مِنَ العامل. انتهى.
          قال ابن رشد: أمَّا كراء الأرَضين فاختلفوا فيها اختلافًا كثيرًا، فقوم لم يجوِّزوا ذلك بتَّةً، وهم الأقلُّ، وبه قال طاوس وغيره، وقال الجمهور بجواز ذلك، واختلف هؤلاء فيما يجوز به كراؤها، فقال قوم: لا يجوز إلَّا بالدَّراهم والدَّنانير فقط، وهو مذهب ربيعة وغيره، وقال قوم: يجوز كراؤها بكلِّ شيء ما عدا الطَّعامَ سواءٌ كان الطَّعام الخارج منها أو لم يكن، وما عدا ما ينبت فيها كان طعامًا أو غيره، وإلى هذا ذهب مالك، وأكثر أصحابه(2)... إلى آخر ما قال.
          وأمَّا المزارعة بالدَّراهم والدَّنانير فيجوز عند الأربعة، وأمَّا على قسمة الخارج مِنَ الأرض بأن يكون ما على الماذَيَانات وإقبال الجداول فلربِّ الأرض وما كان في غيرها مِنَ الأرض فهو للزَّارع، فلم يجوِّزْها أحد، وأمَّا المزارعة بجزء خارج منها فلا يجوز عند الأئمَّة الثَّلاثة، ويجوز عند الإمام أحمد وصاحبَي أبي حنيفة(3). انتهى ملخَّصًا مِنَ «البذل».
          قوله: (وقال الحسن: لا بأس أن يُجتنى القطن) كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: لم يجوِّزْه أئمَّتنا الثَّلاثة، وكذلك مسألة الثَّوب والكراء لكونها في معنى قفيز الطَّحَّان غير أن مشايخ بلخ وبعض مَنْ سِواهم أفتَوا في القطن والزَّرع وغيرها بالجواز ضرورة. انتهى.
          وبسط الكلام في «هامش اللَّامع».


[1] فتح الباري: ج5/ص11
[2] بداية المجتهد: ج4/ص6
[3] بذل المجهود:15/57