الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا لم يشترط السنين في المزارعة

          ░9▒ (باب: إذا لم يشترط السِّنين في المزارعة)
          قال الحافظ: قال ابن التِّينِ: قوله: (إذا لم يشترط السِّنين) ليس بواضح مِنَ الخبر الَّذِي ساقه، كذا قال، ووجه ما ترجم به الإشارة إلى أنَّه لم يقع في شيء مِنْ طرق هذا الحديث مقيَّدًا بسنين معلومة، وقد ترجم له بعد أبواب: (إذا قال ربُّ الأرض: أُقِرُّك ما أقَرَّك الله _ولم يذكر أجلًا معلومًا_ فهما على تراضيهما) وساق الحديث، وفيه قوله ╧ : (نُقِرُّكم ما شئنا) هو ظاهر فيما ترجم له... إلى آخر ما قال.
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: وهو عندنا واقع على مزارعة عام فقط، غير أنَّه إذا لم يترك الأرض في العام الثَّاني ولم يطالبه المالك كان ذلك دلالة على كونهما على عقدهما، فيمكن على ذلك مضاءُ سنين، وهو محمل الحديث، فافهم.
          وهذا عند مَنْ سلَّم كونها مزارعة، فأمَّا مَنْ قال: إنَّها كانت لهم لا للمسلين، وما بذلوه كان خراجًا، فالأمر عنده أسهل. انتهى.
          وفي «هامشه»: قالَ العَينيُّ: قال ابن بطَّالٍ: قد اختلف العلماء في المزارعة مِنْ غير أجل، فكرهها مالكٌ والشَّافعيُّ وغيرهما، وقال أبو ثور: إذا لم يسمِّ سنين معلومة فهو على سَنة واحدة، وقال ابن المنذر: وحكى(1) عن بعضهم أنَّه قال: أجيز ذلك استحساناَ، وأدع القياس / لقوله ╧ : (نُقِرُّكم ما شئنا)، قال: فيكون لصاحب النَّخل والأرض أن يُخرج المساقي والمزارع مِنَ الأرض متى شاء، وفي ذلك دلالة على أنَّ المزارعة تخالف الكراء، لا يجوز في الكراء أن يقول: أخرجك عن أرضي متى شئت، ولا خلاف بين أهل العِلم أنَّ الكراء في الدُّور والأرَضين لا يجوز إلَّا وقتًا معلومًا، قلت: لصحَّة المزارعة على قول مَنْ يجيزها شروط: منها بيان المدَّة، بأن يقال: إلى سنة أو سنتين وما أشبه(2)، ولو بيَّن وقتًا لا يدرك الزَّرع فيها تفسد المزارعة، وكذا لو بيَّن مدَّة لا يعيش أحدهما إليها غالبًا تفسد أيضًا، وعن محمَّد بن سَلَمة: أنَّ المزارعة تصحُّ بلا بيان المدَّة، وتقع على زرع واحد، واختاره الفقيه أبو اللَّيث، وبه قال أبو ثور، وعن أحمد: يجوز بلا بيان المدَّة لأنَّها عقد جائز غير لازم، وعند أكثر الفقهاء لازم. إلى آخر ما بسط.


[1] في (المطبوع): ((وحُكي)).
[2] في (المطبوع): ((أشبهه)).