التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب

          3682- قوله: (أُرِيتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ) هو بإسكان الكاف وتحريكها حكاه القزَّاز، واقتصر الجوهريُّ على الإسكان، وجمعُها بَكَر بفتحها، وسبق تفسير الذَّنُوْب، والغَرْب _بغين معجمة وراء ساكنة_ أكبر من الذَّنُوْب.
          قوله: (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: العَبْقَرِيُّ عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ، وَقَالَ يَحْيَى) أي: القطَّان الأهوازيُّ.الحديث أيضًا كما تقدَّم قريبًا في مناقب الصِّدِّيق.
          الزَّرَابِيُّ: الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ، و(عِتَاقُ) جمع عتيق من العتاقة وهو الحُسْنُ والنَّزاهة، وبالفتح المصدر، والزَّرَابِيُّ البُسط الفاخرة الموشية، واحدها زربي بالكسر، وقيل: هي النمرقة، وقال الكِرْمانيُّ: الزَّرَابِيُّ جمع الزَّربيَّة وهي البساط العريض، قال: ووقع في بعضها <قال ابن نمير> وهذا أولى إذ هو الرَّاوي له، والخمل بفتح الخاء المعجمة الهدبة، وممَّا ذكره هو بحسب أصل اللُّغة، ولكنَّ المراد بالعَبْقَرِيِّ هاهنا سيُّد القوم.
          قوله: (فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ نَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا) أشار إلى قصر مدَّة خلافته وأنَّها إنَّما تكون مدَّة سنة أو سنتين ثمَّ تنتقل إلى عمر، وكان مدَّة خلافة الصِّدِّيق سنتين وثلاثة أشهر على خلاف فيه تقدَّم، وضعفه إشارة إلى ما كان في أيَّامه من الاضطراب والارتداد واختلاف الكلمة وإلى ما كان فيه من لين الجانب، ويدلُّ على ذلك قوله: ((وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ)) وهو اعتراض ذكره الرَّسول صلعم ليُعلَمَ أنَّ ذلك موضوع مغفور غير قادح في منصبه.وأشار بالغرب إلى ما كان في أيَّام عمر من تعظيم الدِّين وإعلاء كلمته وتوسيع خططه، وأشار بقوَّته في النَّزع إلى اجتهاده في إعلاء الدِّين وإفشائه في مشارق الأرض ومغاربها اجتهادًا لم يتَّفق لأحد قبله ولا بعده.
          تنبيه: قيل: العبقر اسم واد يزعم العرب أنَّ الجنَّ تسكنه، فنسبوا إليه كلَّ من تعجَّبوا منه أمرًا كثرة أو غيرها، فكأنَّهم وجدوا ما وجدوا منه خارجًا عن وسع الإنسان فحسبوا أنَّه جنِّي من العبقر، ثمَّ اتَّسع فيه حتَّى سُمِّيَ به السيِّد والكبير والشَّيء النَّفيس.
          قوله: (يَفْرِي فَرِيَّهُ) رُوِيَ بإسكان الرَّاء وتخفيف الياء وبكسر الرَّاء وتشديد الياء، وهما لغتان صحيحتان، وأنكر الخليل التَّشديد، ومعناه لم أرَ شيئًا يعمل بعمله ويقطع قطعه، وأصل الفري _بالإسكان_ القطع، تقول العرب: تركته يفري الفرى إذا عمل العمل فأجاد.
          قوله: (حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ) هو بكسر الواو المخفَّفة / أي: حتَّى أخذوا كفايتهم.