التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: أما صاحبكم فقد غامر

          3661- قوله: (عَنْ زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ) يعني الدِّمشقيُّ، ليس له عند البخاريِّ غير حديث: ((أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ)).
          قوله: (عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ) هو بموحَّدة مضمومة وسين مهملة.
          قوله: (عَنْ عَائِذِ اللهِ أَبِي إِدْرِيسَ) مالك.
          قوله: (أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ) بغين معجمة، أي: خاصم ولابس الخصومة ودخل في غمراتها، قاله الخطَّابيُّ، ومنه غمرة الحرب، والمغامر الذي يرمي بنفسه في الأمور المهلكة، وقيل: هو من الغِمْر بالكسر وهو الحقد، أي: حاقد غيره.قال القاضي: وفسَّره المُسْتَمْلِي عن البخاريِّ، أي: سبق بالخبر.وقال الشَّيبانيُّ: المغامرة المعاجلة، ومعناه قريب من هذا، أي: سارع وقد غاضب، وهو فاعل من الغِمْر وهو الحقد.قال الكِرْمَانِيُّ: فإن قلت: أين قسيم (أمَّا)؟ وأجاب بأنَّه محذوف، نحو: وأمَّا غيره فلا أعلم.
          قوله: (فَجَعَلَ وَجْهُ رَسُوْلِ اللهِ صلعم يَتَمَعَّرُ) بفتح العين المهملة المشدَّدة، أي: يتغيَّر، وأصله قلَّة النَّضارة وعدم إشراق اللَّون، من قولهم: مكان أمعر وهو الخَرِبُ الذي لا خصب فيه.
          قوله: (حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ) أي: خاف أبو بكر.
          قوله: (فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) هو بجيم وثاء مثلَّثة.
          قوله: (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ) ظرف لقال أو لكنت.
          قوله صلعم : (فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ) قال أبو البقاء: الوجه تاركوني، لأنَّ الكلمة ليست مضافة، لأنَّ حرف الجرِّ مع الإضافة إنَّما يُجوِّزُ حذف النُّون في موضعين (1) الإضافة، ولا إضافة هنا، وأن يكون فيما ذكر الألف واللَّام، كقوله: العظم تجد عليه اللَّحم، والرَّوث تجد فيه الشَّعير والتِّبن، كقوله: الحافظون عورة العشيرة.قال: والأشبه / أنَّ حذفها من غلط الرُّواة.وقال غيره: فيه وجهان:
          أحدهما: أن يكون استطال الكلمة فحذف النُّون كما حذف من الموصولة للطُّول كقوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}[التوبة:69].
          والثَّاني: أن يكون (صَاحِبِي) مضافًا وفصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الإضافة، وفي ذلك الجمع بين إضافتين إلى نفسه، كلُّ ذلك تعظيمًا للصِّدِّيق، ونظيره قراءة ابن عامر: {قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}[الأنعام:137] بنصب {أَوْلَادَهُمْ} وخفض {شُرَكَائِهِمْ} وفصل بين المتضايفين بالمفعول.انتهى.
          وعلى الثاني اقتصر الكِرْمَانِيُّ فقال: فصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الاختصاص، وذلك جائز لقول الشَّاعر:
فَرِشْنِي بخَيرٍ لا أكونَنْ ومِدْحَتي                     كناحِتِ يَومًا صَخْرَةٍ بعَسِيْلِ
          قال: وفي بعضها: (تَارِكُوْنَ) بالنَّون، وإنَّما جمع بين الإضافتين إلى نفسه للاختصاص والتَّعظيم.


[1] كذا صورتها في الأصل، ولعل الصواب((موضعي)).