التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب

          3663- قوله: (مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ) قال الكِرْمَانِيُّ: هو بضمِّ الموحَّدة، ورُوِي بالسُّكون، وفسَّروه بوجوهٍ ستَّةٍ أظهرها: من لها عند الفتن حين تركها النَّاس هملًا لا راعي لها فتبقى / السِّباع لها راعية، أي: متفرِّدة بها.انتهى.
          وقال في «النِّهاية»: قال ابن الأعرابيِّ: السَّبْع بسكون الباء الموضع الذي يكون إليه المحشر يوم القيامة، أراد من لها يوم القيامة، والسَّبع أيضًا الذُّعر، يُقَالُ: سبعت فلانًا إذا أذعرته، وسبع الذِّئب (1) الغنم إذا فرسها، أي: من لها يوم الفزع، وقيل: هذا التَّأويل يفسد بقول الذِّئب في تمام الحديث: ((يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي)) والذِّئب لا يكون لها راعيًا يوم القيامة، وقيل: أراد به يوم الفتن حين تركها النَّاس هملًا لا راعي لها نُهْبَةً للذِّئاب والسِّباع، فجعل السَّبع لها راعيًا إذ هو منفرد بها، ويكون حينئذٍ بضمِّ الباء، وهذا إنذار بما يكون من الشَّدائد والفتن التي يهمل النَّاس فيها مواشيهم فَتَسْتَمْكِنُ منها السَّباع بلا مانع.
          وعن أبي عبيدة: يوم السَّبع يوم عيد كان لهم في الجاهليَّة يشتغلون به وبلهوهم، وليس بالسَّبع الذي يفترس النَّاس.وأملاه أبو عامر العَبْدَرِيُّ الحافظ بضمِّ الباء، وكان من العلم والإتقان بمكان.وقال القاضي: بضمِّ الباء الموحَّدة رويناه.قال الحربيُّ: وَيُرْوَى بسكون الباء، يريد الحيوان المعروف، وقرأ الحسن: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}[المائدة:3] وذكر ما قدَّمناه عن ابن الأعرابيِّ قال: ويحتمل أنَّه أراد يوم السَّبع يوم أكلي لها، يُقَالُ: سبع الذِّئب الغَنَمَ أكلها، وقيل: يوم السَّبع يوم الإهمال، قال الأصمعيُّ: المُسْبَع المُهْمَل، وأسبع الرَّجل كلابه إذا تركها تفعل ما تشاء، وقال الدَّاوديُّ: معناه إذا طردك عنها السَّبع فبقيت إنما فيها الحكم دونك لفرارك عنها، إلى آخر ما قدَّمناه، وقال بعضهم: إنَّما هو يوم السَّيع بالمثنَّاة من تحت، أي: يوم الضَّياع، يُقَالُ: أسعت أضعت.


[1] قوله:((وسبع الذئب)) مكرر في الأصل.