التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أما بعد فإن الله بعث محمدًا بالحق وكنت

          3927- قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، وقد تَقَدَّم لِمَ قيل له: المُسنَديُّ [خ¦9]، و(هِشَامٌ) بعده: هو ابنُ يوسفَ، قاضي صنعاء، حافظٌ، تَقَدَّم، و(مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابنُ راشدٍ، و(الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّدُ بنُ مسلمٍ، و(عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ): هو ابنُ الخِيَار؛ بكسر الخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مُخَفَّفة، وفي آخره راء، تَقَدَّم مترجمًا [خ¦3872].
          قوله: (وَقَالَ بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، كذا يقوله المِزِّيُّ والذَّهبيُّ، وسيأتي غير ذلك، و(بِشْر بن شُعَيب): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وقد روى عن بشرٍ أحمدُ ابن حنبل، وإسحاقُ الكوسجُ، والذُّهليُّ، والبُخاريُّ في غير «الصحيح»، ولكن في «الصحيح» بواسطة، انتهى، كذا قال الذَّهبيُّ، وهذا ماشٍ على ما يفعله هو والمِزِّيُّ أن قالا: هذا تعليقٌ، لكن يُعَكِّرُ علَى: (ولكن في «الصحيح» بواسطة)، فصريح هذا الكلام أنَّه لم يروِ عنه في «الصحيح» إلَّا بواسطة، وقد قدَّمتُ من كلام ابن الصلاح أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه كهذا؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّها مثل: (حدَّثنا) [خ¦142]، فهذا متَّصلٌ على ما قال ابنُ الصلاح، والله أعلم.
          والحكمةُ في الإتيان به؛ لأنَّه في الأوَّل بينه وبين الزُّهريِّ ثلاثةٌ، وهذا بينه وبين الزُّهريِّ اثنان، علا له بواحدٍ. /
          قوله: (حَدَّثَنِي أَبِي): اعلم أنَّ البُخاريَّ روى لبِشْر بن شُعَيب عن أبيه، قال ابنُ مَعِين: لم يسمع من أَبيه شيئًا، سألوه عنها _يعني: كتب أبيه_ فقال: لم أسمعها من أبي، إنَّما أنا صاحبُ طبٍّ، فلم يزالوا به حتَّى حدَّثهم بها، وذكر غيرُه: أنَّ روايتَه عن أبيه إنَّما هي بالإجازة، وقال أبو اليمان: سمعتُ شعيبَ بن أبي حمزة وقد احتُضِر: مَن أراد أن يسمع هذه الكتب؛ فليسمعها من ابني، فإنَّه سمعها منِّي، وهذا يردُّ القولَين الأوَّلَين، ويؤيِّد ما فعله البُخاريُّ، وهنا قد قال: (حدَّثني أبي)، والله أعلم، وقد تَقَدَّم.
          قوله: (وَهَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ): تَقَدَّم في مناقبه أنَّها هجرة الحبشة والهجرة إلى المدينة المشرَّفة [خ¦3696].
          قوله: (تَابَعَهُ إِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ): الضميرُ في (تابعه) يعود على شُعَيب، ويحتمل عوده على بِشْر ولد شُعَيب، و(إسحاق) هذا: هو إسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، ويُعرَف بالعَوْصيِّ، عنِ الزُّهريِّ، وعنه: يحيى الوُحاظيُّ، لا يُعرَف، وقيل: إنَّه قَتَل أباه، استَشْهَد به البُخاريُّ؛ انتهى كلام الذَّهبيِّ، وفي «الميزان» له ترجمةٌ، وقال فيها: (وعنه: الوُحاظيُّ فقط، قال محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ: مجهولٌ)، وفائدةُ هذه المتابعةِ أنَّ روايةَ شُعَيبٍ بالعنعنة، وإسحاقُ صرَّح بالتحديث، وإن حُوشِيَ شعيبٌ مِنَ التدليس إلَّا ليخرج مِنَ الخلاف.