التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم

          3924- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشامُ بنُ عبدِ الملك الطيالسيُّ الحافظُ، وتَقَدَّم مترجمًا [خ¦17]، و(أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا [خ¦40]، و(الْبَرَاءُ): هو ابنُ عَازبٍ، صحابيٌّ ابنُ صحابيٍّ، تَقَدَّما.
          قوله: (أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَبِلَالٌ): وفي الطريق الثانية كذلك إلَّا أنَّه قال: (ثُمَّ قَدِم علينا بلالٌ وسعدٌ وعَمَّارٌ، ثُمَّ قَدِم عُمَرُ بنُ الخَطَّاب في عشرين من أصحاب النَّبيِّ صلعم) [خ¦3925]، وفي «سيرة ابن إسحاق»: (أوَّلهم فيما قيل: أبو سلمة بن عبد الأسد المخزوميُّ)، وروى أبو عروبة: أخبرنا ابنُ بشَّار وابنُ المثنَّى قالا: حدَّثنا محمَّدُ بنُ جعفر: حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ قال: سمعتُ البَراءَ: كان أوَّل من قَدِم المدينةَ من أصحاب النَّبيِّ صلعم مصعب بن عُمير، ثُمَّ عامر بن ربيعة حليف بني عَدِيِّ بن كعب، معه امرأته ليلى بنت أبي حَثْمَة بن غانم، قال ابنُ عبد البَرِّ: (وهي أوَّل ظعينة دخلت مِنَ المهاجرات المدينة)، وقال ابنُ عقبة: أوَّلُ امرأةٍ دخلتِ المدينةَ أمُّ سَلَمة، انتهى، وفي «تفسير الدَّميريِّ» في (سورة النساء): (وكانت أمُّ سَلَمة أوَّلَ ظعينةٍ قَدِمَت المدينةَ مهاجرةً)، ويدلُّ لقول مَن قال: (أوَّلُ مَن هاجر أبو سَلَمة وامرأتُه أمُّ سَلَمة) ما في «صحيح مسلم» في (الجنائز): (قالت أمُّ سَلَمة: فلمَّا مات أبو سَلَمة؛ / قلتُ: أيُّ المسلمين خيرٌ مِن أبي سلَمة؟! أوَّل بيتٍ هاجر إلى رسولِ الله صلعم)، ويحتمل أن يجمع بأن يكون أبو سلمة أوَّلَ مَن هاجر ببيته؛ أي: ومعه زوجته أمُّ سَلَمَة، ومصعب ومَن معه أوَّل مَن هاجر ليس معه زوجته، والله أعلم، وقال بعضُهم: (إنَّ أبا سلمة هاجر قبل العقبة بسنة)، فيكون على هذا أوَّلَ مَن هاجر مطلقًا.
          والحاصلُ: أنَّه اختُلِف في أوَّل مَن هاجر؛ هل هو مصعب بن عُمير، وبعده ابن أمِّ مكتوم، أو ومعه ابن أمِّ مكتوم، أو أبو سلمة، أو عبد الله بن جحش، قاله ابنُ إسحاقَ، وقال الحاكمُ: أمُّ كلثوم أوَّلُ مهاجِرةٍ.
          والحاصل في النسوة: هل هي أمُّ سَلَمة، أو ليلى بنت أبي حَثْمة، أو أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط _وهذه إنَّما هاجرت بعد الحديبية_ أو الفارعة بنت أبي سفيان بن حرب، قاله ابنُ إسحاقَ، ذكرها _أعني: أمَّ كلثوم_ الحاكم أبو أحمد في «الكنى» كذلك؛ أعني: أنَّها أوَّل من هاجرت من النساء.
          واختُلِف في الثاني مِنَ القادمين هل هو عَمَّار بن ياسر وبلال، أو [بلال و]سعد وعَمَّار، أو عامر بن ربيعة، أو ابن أمِّ مكتوم، وقد ذكر ابنُ إسحاق: أنَّهم لمَّا انصرفوا _يعني: من بيعة العقبة؛ يعني: الاثني عشر، وهي الثانية، وبعضهم يسمِّيها الأولى_؛ بعث رسولُ الله صلعم معهم ابنَ أمِّ مكتوم ومصعبَ بنَ عُمَير، فنزل مصعب على أسعد بنِ زُرارة، انتهى، وفي «سيرة مغلطاي _شيخ شيوخنا_ الصُّغرى»: (وكتبتِ الأوسُ والخزرجُ إلى النَّبيِّ صلعم: ابعث إلينا مَن يُقرِئنا القرآن، فبعث إليهم مصعَبَ بنَ عُمَير، وقال ابنُ إسحاق: أرسله معهم) انتهى.
          قوله: (مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): (مصعب): تَقَدَّم، وكذا (ابن أمِّ مكتومٍ)، وهو عَمرو ابن قيس بن زائدة _ويقال: زياد_ ابن الأصمِّ، والأصمُّ: جُنْدب بن هَرِم بن رَوَاحة بن حُجر بن عبد ابن مَعِيص بن عامر بن لؤيِّ بن غالبٍ، القُرَشيُّ العامريُّ، ويقال: عَمرو بن زائدة، ويقال: عبد الله بن زائدة، والصحيح: أنَّ اسمه عمرو، وكذا جاء مسمًّى في «مسلم» في حديث فاطمة بنت قيس في قصَّة طلاق زوجها: «اعتدِّي في بيت ابن عمِّك عمرو ابن أمِّ مكتوم»، وأمُّ مكتوم: اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عَنْكثَة _بعين مهملة مفتوحة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ كاف، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث_ ابن عامر بن مخزوم، لا أعلم لها إسلامًا، ترجمتُه معروفةٌ فلا نطوِّل بها؛ منها: أنَّه ◙ استخلفه على المدينة ثلاثَ عشرةَ مرَّةً في غزواته، وقد ذكرتُ ذلك فيما تَقَدَّم [خ¦2656]، وشهد القادسيَّة، وقُتِل بها شهيدًا، وكان معه اللِّواء يومئذٍ، وقيل: شهدها، ثُمَّ رجع إلى المدينة، فمات بها.
          قوله: (عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ): تَقَدَّم أنَّه بمثنَّاة في أوَّله، و(عَمَّار): صحابيٌّ جليلٌ، وكذا (ياسر): صحابيٌّ أيضًا، ☻.