التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه

          ░20▒ (بَابُ إِذَا ضَرَبَ العَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ)
          2559- ذكر فيْه حديثَ أبي هريرة عَنِ النَّبيِّ صلعم: (إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ). هذا الحديث أخرجَه مسلمٌ أيضًا.
          وقولُه فيْه: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ فُلاَنٍ) قائل ذلك هو ابن وهْبٍ وهو ابن سَمْعانَ.
          قَالَ الدَّاوُدِيُّ: يريد لأنَّ فيْه أكثرَ الجوارح، وأكثرَ أمور الوضوء، والجبهةَ وهي مِنَ المساجد، واللِّسانَ والفمَ، وفي روايةٍ في «الصَّحيح» علَّل ذلك؛ فإنَّ الله خلق آدم عَلَى صورتِه، وأولى ما قيل فيْه أنَّ الحديث خرج عَلَى سببٍ وهو أنَّه ◙ مَرَّ برجلٍ يَضرب ابنَه أو عبدَه في وجهِه لطمًا ويقول: قَبَّحَ اللهُ وجهَك ووجهَ مَنْ أشبهَ وجهك، فقَالَ ◙ ذلك.
          وذكرَه المُهلَّب بلفظ: ((يَضْرِبُ عَبْدَهُ في وَجْهِهِ لطمًا...)) إلى آخرِه، وقال: نقل قائلون هذِه القصَّة مِنَ الطُّرق الصَّحيحة لأنَّ تلك المقالة سبٌّ للأنبياء والمرسلين، فزجرَه الشَّارع عن ذلك وخصَّ آدم، لأنَّهُ الَّذي ابتُدئت خلقةُ وجهِه عَلَى الحدِّ الَّذي يُحتذى عليْها مِنْ بعدِه، كأنَّهُ ينبِّهُهُ عَلَى أنَّكَ سببتَ آدمَ ومَنْ وَلد، مبالغةً في الزَّجر عن مثلِه، وهذا وجهٌ ظاهرٌ، والهاء كنايةٌ عن المضروب في وجهِه، وقيل فيْه غيرُ ذلك في تأويل ضمير الهاء مِنْ ((صورتِه)) إلى مَنْ يرجع.
          قال ابن بَطَّالٍ: لم أرَ لذكرِها وجهًا، إذ لا يصحُّ عندي في ذلك غيرُ ما سلف، وهو قول المُهلَّب فلا تُضرب صورةٌ خلَقَها الله بيدِه، وحقُّ الأبوَّة وهو آدم مُرَاعًى، وتفضيل الله لَها حين خلقَ آدم بيدِه وأسجدَ لَه ملائكتَه.