التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب فضل من أدب جاريته وعلمها

          ░14▒ (بَابُ فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ جَارِيَتَهُ وَعَلَّمَهَا)
          2544- ذكر فيْه حديث أبي موسى السَّالف في العلم [خ¦97]، في باب تعليم الرَّجل أَمَتَه أو أهلَه مطوَّلًا.
          وفيْه أجرُ التَّأديب والتَّعليم، وأجر التَّزويج لله تعالى، وأنَّ الله تعالى قد ضاعف لَه أجرَه بالنِّكاح والتَّعليم وجعلَه كمثل أجر المُعْتق.
          وفيْه الحضُّ عَلَى العِتق، وعلى نكاحِ المعتَق وعلى التَّواضعِ وتركِ الغلوِّ في أمر الدُّنيا، وأخذِ القصد والبُلْغة منْها، وأنَّ مَنْ تَواضع لله في مَنْكِحِه وهو يقدرُ عَلَى نكاح أهل الشَّرف والحسب والمال، فإنَّ ذلك ممَّا يُرجى عليْه جزيلُ الأجر وجسيم الثَّواب.
          وقولُه: (لَهُ أَجْرَانِ) أي أجر الإحسان وأجر العِتق، وروى البزَّار في «مسندِه» عن ابن عمر: لمَّا نزل {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} [آل عمران:92] ذكرت ما أعطاني الله، فلم أجد شيئًا أحبَّ إليَّ مِنْ جاريةٍ روميَّةٍ فأعتقتُها، فلو أنِّي أعود في شيء جعلتهُ لله لَنَكحتُها.
          وجمع بعض العلماء بينَه وبين حديث عمر لا تشترهِ وإن أعطاكه بدرهمٍ، عَلَى مَنْ لا يرغب في نكاحِها لكون فعلِه امتثالًا للحديث لأنَّ عادة العرب الرَّغبةُ عن تزويج المعتَقة.
          وحمل الحديث الآخر عَلَى أنَّ المُعتِق هو الرَّاغب، فيكون كغيرِه، فيكره لهُ حينئذٍ النِّكاح، ويحتمل أنَّ يفرَّق بينَهما لأنَّ بالنِّكاح ليس براجعٍ في عِتقِه، وإنَّما يملك الآن منفعةَ الوطء.
          وقد أجاز مالكٌ وأكثرُ أصحابِه الرُّجوعَ في المنافع إذا تصدَّق بِها وشراءَها، والحُجَّة لَهم حديث العَرَايا، فكيف إن تصدَّق بالرَّقبة؟ فإنَّهُ يجوز شراء منفعتِها، بل هو أولى مِنَ الصَّدقة بالمنفعة، والَّذي منع مِنَ الرُّجوع في المنافع إذا تُصدِّق بِها ابن الماجِشُون وحده كما حكاه ابن التِّينِ.