التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الشركة في الأرضين وغيرها

          ░8▒ (بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الأَرَضِ وَغَيْرِهَا)
          2495- ذكر فيْه حديثَ جابرٍ: (فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ).
          وقد سلف، واختلف العلماء فيما يَحْتَملُ القسمة مِنَ الدُّور والأرَضينَ، هل يُقسم بين الشُرَكاء إذا دعا بعضُهم إلى ذلك، وفي قَسمِه ضررٌ عَلَى بعضِهم؟ فقال مالكٌ والشَّافعيُّ: نعم يُقسَمُ بينَهم، وقال أبو حنيفة: في الدَّار الصَّغيرة بين اثنين يَطلب أحدُهما القِسْمة وأبى صاحبُه، قُسِمَت لَه.
          وقال ابن أبي ليلى: إن كان فيْهم مَنْ لا ينتفع بما يُقسَم لَه فلا تُقسَم، وكلُّ قَسمٍ يُدْخِل الضَّرر عَلَى أحدِهم دون الآخر، فإنَّهُ لا يُقْسَم وهو قول أبي ثَورٍ، قال ابن المُنْذِرِ: وهو أصحُّ القولين.
          وأجاز مالكٌ قِسمة البيت وإن لم يكن في نصيب أحدِهم ما ينُتْفَعُ بِه وأجاز قِسمة الحمَّام وغيرِه، واحتجَّ بقولِه تعالى: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء:7].
          قال ابن القاسم: وأنا أرى أنَّ كلَّ ما لا ينقسم مِنَ الدُّور والمنازل والحمَّامات، وفي قِسْمتِه الضَّرَر ولا ينُتْفَعُ بِه إذا قُسِم أن يُبَاع ولا يُقْسَم، ولا شُفْعة فيْه، لقولِه _◙_: ((لا ضَرَرَ ولا ضِرَار)) وحديثِ الباب، فجعل الشُّفْعة في كلِّ ما يتأتَّى فيْه إيقاعُ الحدود، وعلَّق الشُّفْعةَ بما لم ينقسم ممَّا لم يمكن إيقاعُ الحدود فيْه، هذا دليل الحديث، ولا حجَّةَ للكوفيِّين في إجازة الضَّرر اليسير مِنْ ذلك ومنعِهم للكثير لأنَّ دفعَ الضَّرر واجبٌ عن المسلمين في كلِّ شيءٍ.