التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب القران في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه

          ░4▒ (بَابُ القِرَانِ فِي التَّمْرِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ)
          2489- ذَكر فيْه حديثَ ابن عُمَرَ: (نَهَى رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ).
          2490- وحديثَ جَبَلَة: (كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: لَا تَقْرُنُوا، فَإِنَّ النَّبيَّ صلعم نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ).
          وقد سلف واضحًا، والنَّهيُ عن القِرَان فيْه عند العلماء مِنْ باب حُسن الأدب في الأكل لأنَّ القوم الَّذين وُضِع بين أيديْهم هُم كالمتساوِين في أكلِه، فإن استَأثر أحدُهم بأكثر مِنْ صاحبِه لم يجزْ لَه ذلك، ومِنْ هذا الباب جعلَ أهلُ العلم النَّهيَ عن النُّهْبة في طعام النَّثر في الأعراس وغيرِهَا لِمَا فيْه مِنْ سوء الأدب والاستئثار بما لا تطيبُ عليْه نفسُ صاحب الطَّعام.
          وقال أهلُ الظَّاهر: إنَّ النَّهيَ عنْه عَلَى الوجوب وفاعلُه عاصٍ إذا كان عالمًا بالنَّهي، ولا نقول إنَّهُ أكلَ حرامًا لأنَّ أصلَه الإباحةُ جملةً، ودليلُ الجمهور إنَّما وُضع بين أيدي النَّاس للأكل فإنَّما سبيلُه سبيلُ المكارَمة لا عَلَى التَّشاحِّ، لاختلاف النَّاس في الأكل، فبعضُهم يكفيْه اليسير وبعضُهم لا يكفيْه أضعافُه، ولو كانت سُهْمانُهم سَواءً لَمَا ساغ لِمَنْ لا يُشْبِعُه اليسيرُ أن يأكلَ أكثرَ مِنْ مثلِ نصيبِ مَنْ يُشْبِعُه اليسيرُ، ولمَّا لم يَتشاحَّ النَّاسُ في هذا المقدارِ عُلِم أنَّ سبيلَ هذِه المكارَمةُ ليس عَلَى معنى الوجوب.