التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب شركة اليتيم وأهل الميراث

          ░7▒ (بَابُ شَرِكَةِ اليَتِيمِ وَأَهْلِ المِيرَاثِ)
          2494- ذَكر فيْه عن عروةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللهِ تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} [النساء:3] إِلَى قَوْلِهِ: {وَرُبَاعَ} [النساء:3] قَالَتْ: (هِيَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا...) الحديث بطولِه.
          ويأتي في النِّكاح، والتَّفسير أيضًا.
          وعند مسلمٍ: ((تَكُونُ لَهُ الْيَتِيمَةُ هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، وَلَهَا مَالٌ وَلَيْسَ لَهَا أَحَدٌ يُخَاصِمُ دُونَهَا، فَلَا ينْكِحُهَا لِمَالِهَا فَيَضُرُّ بِهَا وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا)).
          قال الإسماعيليُّ: وعامَّةُ مَنْ روى هذا الحديث عن هشامٍ، أي الَّذي ساقَه في التَّفسير عنْه، عن أبيْه، عنْها كأنَّهُ مضطربٌ، وهذا لأن يكون تفسيرًا لقولِه: {وَتَرْغَبُونَ} [النساء:127] أشبهُ أن يكون تفسيرًا لقولِه: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} [النساء:3]، وحديث حجَّاجٍ عن ابن جُرَيْجٍ أشبهُ، ولفظُه {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} [النساء:3]، أُنزِلَت في الرَّجل تكون عندَه اليتيمةُ، وهي ذات مالٍ فلعلَّهُ يَنكِحُها عَلَى مالِهَا، ولا يعجبهُ شيءٌ مِنْ أمرِها، ثُمَّ يُضِرُّ بِها ويُسيء صحبتَها، فوُعِظَ في ذلك.
          وقال سعيد بن جُبيرٍ وقَتادة والرَّبيع والضَّحاك والسُّدِّيُّ فيما نقلَه الواحديُّ عنْهم: كانوا يتحرَّجُون عن أموال اليتامى، فلمَّا سألوا عن أموال اليتامى نزل {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء:2]، وأنزل الله أيضًا {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء:3] وقال قَتادة: نزلت في حُمَيْضَةَ بن الشَّمَردَل الأسديِّ.
          إذا تقرَّر ذلك فَشركة اليتيم ومخالطَته في مالِه لا تجوز عند العلماء، إلَّا أن يكون اليتيم في رُجحانٍ، فإن كان الرُّجحان لمخالطةٍ أو مشاركةٍ فلا يحلُّ، لقولِه تعالى بعد أن حرَّم أموال اليتامى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة:220] فأباحَت هذِه الآية مخالطتَهم ومشاركتَهم بغير ظُلمٍ بِهم.
          وقولُه: (رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ يَتِيمَتَهُ) صوابُه <عن يتيمتِه>، كذا بخطِّ الدِّمْياطيِّ.