شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الحرة تحت العبد

          ░18▒ بَابُ الحُرَّةِ تَحْتَ العَبْدِ
          فيهِ عَائِشَةُ: (كَانَ في بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلعم وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقِيلَ: لَحْمٌ(1) تُصُدِّقَ بِهِ على بَرِيرَةَ، فَقَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ). [خ¦5097]
          أجمع العلماء أنَّ الحُرَّةَ يجوز لها أنْ تنكحَ العبدَ إذا رضيت به؛ لأنَّ ولدَها منه حُرٌّ تبعٌ لأُمِّه وقوله(2) ◙: ((كلُّ ذاتِ رحمٍ فولدُها بمنزِلَتِهَا))، يعني في العتق والرقِّ، وذكر ابنُ المُنْذِرِ عن الشَّافعيِّ قال: أصل الكفاءةِ مستنبطٌ مِنْ حديثِ بَرِيرَةَ وصار(3) زوجها غير كفؤٍ لها، فخيَّرها رسولُ اللهِ صلعم.
          وأجمعوا أنَّ الأَمَةَ إذا عُتِقَت تحتَ عبدٍ قد كانت زوجته أنَّ لها الخيارَ في البقاء معه أو مفارقته، وإنَّما كان لها الخيارُ(4) لأنَّها إذا حدثت لها الحرَّية فقد حدث لها حال كمالٍ ترتفع به عن العبد، ونقص الزَّوج عنها، وأيضًا فإنَّها حين(5) عقد عليها سيِّدها لم تكن مِنْ أهلِ الاختيار لنفسها، فجعل لها الاختيار حين صارت أكمل حُرمةٍ مِنْ زوجها، فأمَّا إذا(6) كان زوجُها حُرًّا فلا خيار لها عند جمهور العلماء؛ لأنَّه مساوٍ لها(7) في حرمتها، فلا فضيلة لها عليه.
          قال(8) الكوفيُّون: لها الخيارُ حُرًّا كان(9) أو عبدًا، ورووا عنِ النَّخَعِيِّ عن الأَسْوَدِ، عن عائشةَ(10): أنَّ زوجَ بَرِيرَةَ كان حُرًّا، وسيأتي بيان هذه الأقوال في كتاب الطَّلاق في باب(11) التَّخيير مستوفًى إنْ شاءَ اللهُ تعالى [خ¦5279].


[1] قوله: ((لحم)) ليس في (ز).
[2] في (ز): ((لقوله)).
[3] في (ز): ((صار)).
[4] قوله: ((في البقاء معه أو مفارقته، وإنَّما كان لها الخيار)) ليس في (ز).
[5] في (ص): ((حينئذٍ)).
[6] في (ز): ((إن)).
[7] في (ص): ((لأنُّه سِيَّان)).
[8] في (ز): ((وقال)).
[9] زاد في (ز): ((زوجها)).
[10] قوله: ((عن عائشة)) ليس في (ص).
[11] في (ز): ((أبواب)).