شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام

          ░6▒ بابُ تَزْوِيجِ المُعْسِرِ الَّذي مَعَهُ القُرْآنُ وَالإِسْلَامُ
          فيهِ سَهْلٌ(1)، عَنِ النَّبيِّ صلعم.
          وفيهِ ابنُ مَسْعُودٍ: (كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبيِّ صلعم لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ). [خ¦5071]
          قال المُهَلَّبُ: أمَّا قوله: تزويج المعسر الَّذي معه القرآن والإسلام، فدليلٌ على أنَّه لم يملكها إيَّاه / على التَّعليم، ولو كان على التَّعليم لمَّا كان معسرًا.
          وقوله: والإسلام يدلُّ على ذلك لأنَّها كانت مسلمةً، فلا يجوز أن يعلمها الإسلام، فيكون على معنى الأجرة، وإنَّما راعى له ◙ حرمة حفظه القرآن، ومَنْ جعله على التَّعليم فقد يجوز ألَّا تتعلَّم شيئًا فلا يستحقِّها الزَّوج، وقد ملكه الرَّسول(2) صلعم إيَّاها قبل التَّعليم.
          وسيأتي مذاهبُ العلماء في قوله ◙: ((قَدْ زَوَّجْتُكَها بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)) في حديث سَهْلٍ بعد هذا إن شاءَ الله [خ¦5087]، وأمَّا موضع التَّرجمة مِنْ حديث ابنِ مَسْعُودٍ، فهو أنَّه ◙، لَمَّا نَهَى أصحابه المعسرين عن(3) الخِصَاء، دلَّ على جواز التَّزويج للمعسر، ولو لم يجز التَّزويج إلَّا للأغنياء لحظره عليهم مِنْ أجل عسرتهم، فهو دليلٌ في حديث ابنِ مَسْعُودٍ، ونصَّ في حديث سَهْلٍ لقوله(4): ((قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ))، وكتاب الله تعالى شاهدٌ بصحَّة(5) هذا المعنى، وهو قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}(6)[النُّور:32].


[1] زاد في المطبوع: ((بن سعد)).
[2] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[3] في (ز): ((من)).
[4] في (ز): ((بقوله)).
[5] في (ز): ((لصحَّة)).
[6] زاد في (ز): ((وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)) دون قوله: ((الآية)).