شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها

          ░7▒ بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لأخِيهِ: انْظُرْ أيَّ زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا
          رَوَاهُ ابنُ عَوْفٍ.
          فيهِ أَنَسٌ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَآخَى النَّبيُّ صلعم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيِّ، وَعِنْدَ الأنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلعم بَعْدَ أَيَّامٍ، وَعَلَيْهِ(1) وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: (مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ) الحديثَ. [خ¦5072]
          في هذا الحديث ما كان عليه الصَّدر الأوَّل مِنْ هذه الأُمَّة مِنَ الإيثارِ على أنفسهم، وبذل النَّفيس لإخوانهم، كما وصفهم الله تعالى في كتابه.
          قال المُهَلَّبُ: وفيه جواز عرض الرَّجل أهله على أهل الصَّلاح مِنْ إخوانه.
          وفيه: أنَّه لا بأسَ أنْ ينظرَ الرَّجل إلى المرأة قبلَ أنْ يتزوَّجها.
          وفيه: المواعدة بطلاق امرأةٍ لِمَنْ يحب أنْ يتزوَّجها، وفيه تنزُّه الرَّجل عمَّا يبذل له ويعرض عليه مِنَ المال وغيره، والأخذ بالشِّدَّة على نفسه في أمر معاشه.
          وفيه: أنَّ العيش مِنْ تجرٍ أو صناعةٍ أولى بنزاهةِ الأخلاق مِنَ العيشِ مِنَ الصَّدقات والهبات وشبهها.
          وفيه: مباشرة الفُضلاء للتِّجارات بأنفسهم وتصرُّفهم في الأسواق في معايشهم وليس ذلك بنقصٍ(2) لهم.
          وفيه: سؤال الرَّجل عمَّنْ تزوَّج وما نقد ليعينه النَّاس على وليمته ومؤنته.
          وفيه: سؤاله عمَّن تزوَّج مِنَ البكرِ أو الثَّيب، وحضُّه على البكر للملاعبة والانهمال الحلال، وستأتي سائر معاني هذا الحديث في مواضعه(3) إنْ شاء الله تعالى [خ¦5079].
          وقوله: (مَهْيَمْ) كلمةٌ موضوعةٌ للاستفهام، ومعناها: ما شأنك وما أمرك.


[1] في (ص): ((غليه)).
[2] في المطبوع: ((نقص))، وغير واضحة في (ص).
[3] في المطبوع: ((مواضعها))، وغير واضحة في (ص).