شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الثيبات

          ░10▒ بابُ نِكَاحِ الثَّيِّبَاتِ(1) /
          وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم لأُمِّ حَبِيْبَةَ(2): (لَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بناتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ(3)).
          فيهِ جَابِرٌ: (قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلعم مِنْ(4) غَزْوَةٍ، فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، قَالَ: مَا يُعْجِلُكَ؟ قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ، قَالَ: بِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟ فقُلْتُ(5): ثَيِّبٌ، قَالَ: فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا(6)...؟) الحديثَ. [خ¦5079]
          وَقَالَ أَيْضًا: (مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِها(7)؟). [خ¦5080]
          قال المُهَلَّبُ: فيه جواز نكاح الثَّيِّبات للشُّبَّان إذا كان ذلك لمعنًى، كالمعنى الَّذي قَصَدَ له جابرٌ مِنْ سبب أخواته، وذلك أنْ يكون للنَّاكح بناتٌ أو أخواتٌ غير بالغاتٍ يحتجْنَ إلى قيِّمٍ ومتعهِّدٍ(8).
          وفيه أنَّ نكاح الأبكار للشُّبَّان(9) أولى لقوله ◙: (فَهَلَّا جَارِيَةً).
          وفيهِ سؤالُ الإمام رجاله عن أحوالهم في نكاحهم ومفاوضتهم في(10) ذلك.
          وفيه أنَّ ملاعبة الأهل مستحبَّةٌ(11) لأنَّ ذلك يحبِّبُ الزَّوجين بعضهما لبعض(12)، ويخفِّف المؤنة بينهما، ويرفع حياء المرأة عمَّا يحتاج إليه الرَّجل في مباعلتها(13)، قال اللهُ تعالى في نساء الجنَّة: {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37]والعَروب: المتحبِّبة إلى زوجها، ويُقَالُ: العاشِقة له، ويُقَالُ: الحسنة التَّبعُّل.
          وقوله: ((أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا)) يريد حتَّى يسبقكم خبر قدومكم إلى أهليكم(14)، ((فَتَسْتَحِدُّ المُغَيَّبَةُ وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ))، أي تصلح كلُّ امرأةٍ نفسها لزوجها مِمَّا غَفَلَت عنه في غيبته، وإنَّما معنى ذلك لئلَّا يجد منها ريحًا أو حالةً يكرهها، فيكون ذلك سببًا إلى بغضتها، وهذا مِنْ حُسْنِ أدبه ◙.
          وقوله: (وَلِعَابُهَا)، هو مصدر لاعب ملاعبةً ولعابًا، كما تقول: قاتل مقاتلةً وقتالًا.


[1] في (ز): ((الثَّيب)).
[2] قوله: ((لأمِّ حبيبة)) ليس في (ز).
[3] في (ز): ((وأخواتكنَّ)).
[4] في (ص): ((في)).
[5] في (ز): ((قلت)).
[6] في (ز): ((تلاعبها وتلاعبك)).
[7] في (ز): ((ولعابهن)).
[8] في (ز): ((ومعاهد)).
[9] في (ز): ((للشَّباب)).
[10] قوله: ((في)) ليس في (ز).
[11] في (ص): ((محبَّب)).
[12] في (ز): ((إلى بعض)).
[13] في (ز): ((ومباعلتها)).
[14] قوله: ((إلى أهليكم)) ليس في (ص).