شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب؟

          ░15▒ بَابٌ هَلْ يُؤَاجِرُ المُسْلِمُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ في أَرْضِ(1) الحَرْبِ؟
          فيهِ خَبَّابٌ: (كُنْتُ رَجُلًا(2) قَيْنًا، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ(3) بنِ وَائِلٍ فاجْتَمَعَ لِي عَنْدَهُ(4)، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا(5) وَاللهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فقُلْتُ(6): أَمَا وَاللهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلَا(7)، قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟! قُلْتُ: نَعَمْ(8)...) الحديثَ. [خ¦2275]
          قالَ المُهَلَّبُ: كره(9) العلماء أن يؤاجر المسلم نفسه مِنْ مشركٍ في دار الحرب أو دار الإسلام لأنَّ في ذلك ذلَّةٌ للمسلمين، إلَّا أن تدعو إلى ذلك ضرورةٍ، فلا يخدمه فيما يعود(10) على المسلمين بضرٍّ(11)، ولا فيما لا يحلُّ مثل: عصر خمرٍ، أو رعاية(12) خنازيرَ أو عمل سلاحٍ أو شبه ذلك(13)، وأمَّا في دار الإسلام فقد أغنى الله بالمسلمين وبخدمتهم عن الاضطرار إلى خدمة المشركين، وقد أمر الله عبادة المؤمنين بالتَّرؤس على المشركين، فقال تعالى: {فَلَا(14) تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}[مُحمَّد:35]فلا يصحُّ لمسلمٍ أن يهين نفسه بالخدمة لمشرك إلَّا عند الضَّرورة، فإن وقع ذلك فهو جائزٌ لأنَّه لما جاز لنا أن نأخذ أموالهم بالمعاوضة منهم في أثمان ما بيع منهم(15)، كان كذلك المنافع الطَّارئة منَّا، والله أعلم، ألا ترى أنَّ خَبَّابًا عمل للعاصِ(16) بنِ وائلٍ وهو كافرٌ، وجاز له ذلك، وقد تقدَّم تفسير القَيْنِ في كتاب البيوع في باب القَيْنِ والحدَّاد [خ¦2091].


[1] في (ز): ((دار)).
[2] قوله: ((رجلًا)) ليس في (ز).
[3] في (ز): ((للعاصي)).
[4] قوله: ((فاجتمع لي عنده)) ليس في (ز).
[5] قوله: ((لا)) ليس في (ز).
[6] في (ز): ((قلت)).
[7] قوله: ((فلا)) ليس في (ز).
[8] قوله: ((قلت نعم)) ليس في (ز).
[9] في (ز): ((وكره)).
[10] في (ص): ((فيما لا يعود)).
[11] في (ز): ((بضرر)).
[12] في (ز): ((حرازة)).
[13] في (ز): ((وشبه هذا)).
[14] في (ص): ((ولا)).
[15] قوله: ((منهم)) ليس في (ص).
[16] في (ز): ((للعاصي)).