شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق به وأجرة الحمال

          ░13▒ بَابُ مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ للحَمْلِ(1) عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ(2) وَأُجْرَةِ(3) الحَمَّالِ
          فيهِ أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ(4): (كَانَ النَّبيُّ صلعم إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ، فَيُحَامِلُ فَنُصِيْبُ المُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لمائَةَ أَلْفٍ، قَالَ: مَا يُرَادُ(5) إِلَّا نَفْسُهُ). [خ¦2273]
          قالَ المُهَلَّبُ: إنَّما هذا على التَّرغيب في الصَّدقة، ورجاء أجرها عند الله، وقد أثنى الله تعالى على أهل هذه الصِّفة(6) لقوله(7) تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}الآية[الإنسان:8]، وقوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر:9].
          وفيه ما كان عليه سلف هذه الأمَّة مِنَ الحرص على اتِّباع أوامر النَّبيِّ صلعم والمبادرة إلى ما ندب إليه وحضَّ عليه مِنَ الطَّاعة، وما كانوا عليه مِنَ التَّواضع والمهنة لأنفسهم في الأعمال الشَّاقة عليهم لينالوا بذلك رضى ربِّهم ╡، ولذلك وصفهم الله بأنَّهم(8) خير أمَّةٍ أُخرجت للنَّاس، وكلُّ هذا كان(9) في أوَّل الإسلام قبل أن يفتح الله عليهم خزائن البلاد، وكان إذ حدَّث أبو مَسْعُودٍ هذا الحديث قد وسَّع الله عليهم لقوله: (وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لمائَةَ أَلْفٍ) فأدرك الحالتين معًا، وقد ظنَّ المحدِّث أنَّ أبا مَسْعُودٍ أراد بذلك نفسه، وقد جاء هذا الحديث في كتاب الزَّكاة وفيه: ((وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ اليَوْمَ لمائَةَ أَلْفٍ)) [خ¦1416].


[1] في (ز): ((ليحمل)).
[2] في (ز): ((منه)).
[3] في (ص): ((وأجر)).
[4] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[5] في (ز): ((نراه)).
[6] قوله: ((ورجاء أجرها عند الله، وقد أثنى الله تعالى على أهل هذه الصِّفة)) ليس في (ص).
[7] في (ز): ((بقوله)).
[8] في (ز): ((أنَّهم)).
[9] قوله: ((كان)) ليس في (ز).