شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إثم من عاهد ثم غدر

          ░17▒ باب: إِثمِ مَنْ عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ
          فيه: ابْنُ عَمْرٍو قَالَ صلعم: (أَرْبَعُ خِلالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ، كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) الحديث. [خ¦3178]
          وفيه: عَلِيٌّ: (مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبيِّ صلعم إِلَّا الْقُرْآنَ، وَمَا في هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ صلعم: الْمَدِينَةُ حَرَامٌ..)، إلى قوله: (فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) الحديث. [خ¦3179]
          وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا؟ قَالَ: إِيْ والذي نَفْسُ أبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، قَالُوا: عَمَّ ذَلكَ؟ قَالَ: تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صلعم فَيَشُدُّ اللهُ قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، / فَيَمْنَعُونَ مَا في أَيْدِيهِمْ). [خ¦3180]
          قد تقدَّم معنى حديث ابن عَمْرٍو في كتاب الإيمان. [خ¦34]
          قال المُهَلَّب: ويحتمل أن تكون هذه الأربعة الخلال في رجلٍ اشتملت على معالم أحواله فسمِّي بالأغلب ممَّا يظهر منه توبيخًا له، وتقبيحًا لحاله، لا على أنَّه منافقٌ كافرٌ، وفي السُّنَّة نظائر لهذا كثيرةٌ من الحكم بالأغلب، والغدر حرامٌ بالمؤمنين وبأهل الذِّمَّة، وفاعله مستحقٌّ لاسم النِّفاق وللعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، على ما رواه عليٌّ.
          ودلَّ حديث أبي هريرة على أنَّ الغدر لأهل الذِّمَّة لا يجوز أيضًا، ألا ترى ما أوصى به النَّبيُّ صلعم من الذِّمَّة والوفاء بها لأهلها من أجل إنماء معاش المسلمين، ورزق عيالهم، فأعلمهم بهذا الحديث أنَّهم متى ظلموا منعوا ما في أيديهم، واشتدُّوا وحاربوا وأعادوا الفتنة، وخلعوا ربقة الذِّمَّة، فلم يَجْتَبِ المسلمون درهمًا، فضاقت أحوالهم وساءت.
          وفيه من علامات النُّبوَّة|.