شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل الوفاء بالعهد

          ░13▒ باب: فَضْلُ الوَفَاءِ بِالْعَهْدِ
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ في رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ في الْمُدَّةِ التي مَادَّ فِيهَا النَّبيُّ صلعم أَبَا سُفْيَانَ في كُفَّارِ قُرَيْشٍ. [خ¦3174]
          قال المؤلِّف: قد جاء فضل الوفاء بالعهد وذمِّ الختر في غير موضعٍ في الكتاب والسُّنَّة، وإنَّما أشار البخاريُّ في هذا الحديث إلى سؤال هرقل لأبي سفيان: هل يغدر؟ إذ كان الغدر عند كلِّ أمَّة مذمومًا قبيحًا، وليس هو من صفات رسل الله، فأراد أن يمتحن بذلك صدق النَّبيِّ صلعم؛ لأنَّ من غدر ولم يف بعهد لا يجوز أن يكون نبيًّا؛ لأنَّ الأنبياء والرُّسل ‰ أخبرت عن الله بفضل من وفى بعهدٍ وذمِّ من غدر وختر، ألا ترى قوله صلعم في صفة المنافق: ((إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر)) وقال صلعم: ((يُرفَع للغادر لواءٌ يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان)) وهذه مبالغةٌ في العقوبة وشدَّة الشُّهرة والفضيحة.