شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب دعاء الإمام على من نكث عهدًا

          ░8▒ باب: دُعَاءِ الإِمَامِ على مَنْ نَكَثَ عَهْدًا
          فيه: أَنَسٌ، سُئل عَنِ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَقُلْتُ: إِنَّ فُلانًا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ: كَذَبَ ثُمَّ حَدَّثَ عَنِ النَّبيِّ صلعم: (أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو على أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: بَعَثَ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ _شَكَّ فِيهِ_ مِنَ الْقُرَّاءِ إلى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلاءِ، فَقَتَلُوهُمْ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبيِّ صلعم عَهْدٌ، فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ على أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ). [خ¦3170]
          قال المؤلِّف: كان النَّبيُّ صلعم لا يدعو بالشَّر على أحدٍ من الكفَّار ما دام يرجو لهم الرُّجوع والإقلاع عمَّا هم عليه. ألا ترى أنَّه سئل أن يدعو على دوسٍ، فدعا لها بالهدى، وإنَّما دعا على بني سُلَيم حين نكثوا العهد وغدروا ويئس من إنابتهم ورجوعهم عن ضلالتهم؛ فأجاب الله دعوته، وأظهر بذلك صدقه وبرهانه، وهذه القصَّة أصلٌ في جواز الدُّعاء في الصَّلاة والخطبة على عدوِّ المسلمين أومن خالفهم ومن نكث عهدًا وشبهه.